للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمعوا أن خوارزم شاه كسر الخطا قصدوهم مع مقدمهم كشلوخان، فلما رأى ذلك ملك الخطا كتب إلى خوارزم شاه: أما ما كان منك من أخذ بلادنا وقتل رجالنا فمعفو عنه، فقد أتانا من هذا العدو ما لا قبل لنا به، فإن انتصروا علينا وأخذونا فلا دافع لهم عنك، والمصلحة أن تسير إلينا في عساكرك، وتنجدنا على حربهم، فكاتب خوارزم شاه مقدم التتار كشلوخان: إنني معك على قتال الخطا. وكاتب ملك الخطا: إنني قادم لنصرتكم. وسار في جيوشه إلى أن نزل بقرب مكان المصاف، فلم يخالطهم، بل أوهم كلاً من الطائفتين أنه معهم، وأنه كمين لهم، فالتقوا فانهزم الخطا أقبح هزيمة، فمال حينئذ خوارزم شاه مع التتار عليهم قتلاً وأسراً، فلم يفلت منهم إلا القليل مع ملكهم لجؤوا إلى جبال منيعة وتحصنوا بها، وانضم إلى خوارزم شاه منهم طائفة كبيرة، وصاروا في جيشه. فأرسل يمن على كشلوخان، فاعترف له وأرسل إليه بأن يتقاسما مملكة الخطا كما اتفقا على إبادتهم، فقال خوارزم شاه: ليس لك عندي إلا السيف، فإن قنعت بالمسالمة وإلا سرت إليك. ثم سار حتى قاربه، ثم تبين له أنه لا طاقة له بالتتر، فأخذ يراوغهم ويبيتهم ويتخطفهم، فأرسل إليه كشلوخان: ليس هذا فعل الملوك، هذا فعل اللصوص، فإن كنت سلطاناً فاعمل مصافاً، فجعل يغالطه ولا يجيبه، لكنه أمر أهل فرغانة والشاش وأسبيجاب وكاسان وتلك البلاد النزهة العامرة بالجلاء والجفل إلى سمرقند وغيرها، ثم خربها جميعها خوفاً من التتار أن يملوكها. ثم اتفق خروج جنكزخان والتتار الذين أخربوا خراسان على كشلوخان، فاشتغل بحربهم مدة عن السلطان خوارزم شاه فرجع إلى بلاد خراسان.

قلت: وكان هذا الوقت أول ظهور الطاغية جنكزخان، وأول خروجه من أراضيهم إلى نواحي الترك وفرغانة. وأراضيهم براري من بلاد الصين.

قال الموفق عبد اللطيف بن يوسف في خبر التتار: هو حديث يأكل الأحاديث، وخبر يطوي الأخبار، وتاريخ ينسي التواريخ، ونازلة تصغر كل نازلة، وفادحة تطبق الأرض وتملؤها ما بين الطول والعرض. وهذه الأمة

<<  <  ج: ص:  >  >>