سنة سبعٍ وثمانين، وأخذت الفرنج صور بعد حصارٍ طويل بالأمان في سنة ثمان عشرة وخمسمائة.
فتح صور
لما نزل الملك الأشرف عكا جهّز الأمير علم الدين الصوابي والي بر صفد، إلى جهة صور، لحفظ الطرق وتعرُّف الأخبار. فلما أُخِذت عكا وأُحرقت وأضرمت النيران في جَنَباتها وعلا الدخان، وهرب أهلها في البحر، علم أهل صور ذلك، فهربوا وأخلوا البلد، وكانت حصينةً منيعة لا تُرام، فدخلها الصوابي وكتب بالبشارة إلى السلطان فجهز له رجالاً وآلةً ليخربوها ويخربوا حيفا، وبقي بصور من تأخر بها من أهلها، فاستغاثوا، وسلموها بالأمان للصوابي وآمنهم. ولم يكن السلطان يطمع بها، فيسَّر الله بما لم يكن في الحساب، وكان لها في يد الفرنج نحوٌ من مائتي سنة، بل من مائة واثنتين وسبعين سنة. وقد أُخذ منها رخام كثير وجعلت دكاً.
وأمسك السلطان على عكا نائب صفد علاء الدين أيدغدي الألدكزي، وولى مكانه علاء الدين أيدكين الصالحي، وطلب نائب الكرك ركن الدين بيبرس الخطابي الدويدار، وولى مكانه جمال الدين آقوش الأشرفي. ثم بعد عشرين سنة ولي هذا نيابة دمشق، وذاك نيابة مصر، فلم تطل أيامهما.
وفي خامس شهر جمادى الآخرة رحل السلطان عن عكا وقد تركها دكّاً، وشرع الصاحب تقي الدين وشمس الدين الأعسر المشد بدمشق في عمل القباب والزينة وحصل لذلك من الاحتفال ما لا مزيد عليه. ودخل دمشق دخولاً ما شهد مثله من الأعمار، وأمامه الأسرى على الخيل يحملون أعلامهم منكَّسة، ورماحاً فيها شُعف رؤوس القتلى، وذلك في ثالث عشر جمادى الآخرة، فأقام بدمشق خمسةً وثلاثين يوماً.
فتح صيدا
سار عسكر دمشق فنازلوا صيدا، وأما ملك الأمراء الشُجاعي فأتى في خدمة السلطان، ثم رجع إلى صيدا، ثم افتتحها، فاستولى من بها من المقاتلة على برج وتحصّنوا به، وكان لا يصل إليه حجر منجنيق، فضايقه الشجاعي في ثامن رجب وفتحه يوم السبت خامس عشر رجب، بحكم الذين فيه نزحوا