يستبد بالأمر خاف من نور الدين، وعرف أنه ربما يقصده ويأخذ منه مصر، فشرع هو وأهل بيته في تحصيل مملكة تكون لهم ملجأ إن قصدهم، فجهز أخاه تورانشاه إلى النوبة فافتتح منها. فلما عاد تجهز إلى اليمن بقصد عبد النبي صاحب زبيد وطرده عن اليمن، وحسن لهم ذلك عمارة اليمني، فسار في أكمل الهيبة والأهبة فلم يثبت له أهل زبيد، وانهزموا، فعمد العسكر إلى سور زبيد، ونصبوا السلالم وطلعوا، فأسروا عبد النبي وزوجته الحرة، وكانت صالحة كثيرة الصدقة، فعذبوا عبد النبي، واستخرجوا منه أموالا كثيرة، ثم سار تورانشاه إلى عدن، وهي لياسر، فهزموه وأسروه. ثم سار فافتتح حصون اليمن، وهي قلعة تعز وقلعة الجند، واستناب بعدن عز الدين عثمان ابن الزنجبيلي، وبزبيد سيف الدولة مبارك بن منقذ، زاد أبو المظفر السبط فقال: يقال إنه افتتح ثمانين حصنا ومدينة، وقتل عبد النبي بن مهدي.
وذكر ابن أبي طيئ قال: في هذه السنة وصل الموفق ابن القيسراني إلى مصر رسولا من نور الدين، فاجتمع بصلاح الدين وأنهى إليه رسالة، وطالبه بحساب جميع ما حصله من ارتفاع البلاد فشق ذلك عليه، وأراد شق العصا ثم ثاب، وأمر النواب بالحساب، ثم عرضه على ابن القيسراني، وأراه جرائد الأجناد بالإقطاع. ثم أرسل معه هدية على يد الفقيه عيسى، وهي ختمة بخط ابن البواب، وختمة بخط مهلهل، وختمة بخط الحاكم البغدادي، وربعه مكتوبة بالذهب بخط يانس، وربعة عشرة أجزاء بخط راشد، وثلاثة أحجار بلخش، وست قصبات زمرد، وقطعة ياقوت وزن سبعة مثاقيل، وحجر أزرق ستة مثاقيل، ومائة عقد جوهر وزنها ثمانمائة وسبعة وخمسون مثقالا، وخمسون قارورة دهن بلسان، وعشرون قطعة بلور، وأربع عشرة قطعة جزع، وإبريق يشم، وطست يشم، وصحون صيني، وزبادي أربعون، وكرتان عود قماري وزن إحداهما ثلاثون رطلا بالمصري، والأخرى أحد وعشرون، ومائة ثوب أطلس، وأربعة وعشرون