سمرقند لعشر بقين من رمضان، ومات بقرية خرتنك ليلة الفطر.
وقال الحاكم: أول ما ورد البخاري نيسابور سنة تسع ومائتين، ووردها في الأخير سنة خمسين ومائتين، فأقام بها خمس سنين يحدث على الدوام.
قال محمد بن أبي حاتم: بلغني أن أبا عبد الله شرب البلاذر للحفظ، فقلت له: هل من دواء يشربه الرجل للحفظ؟ فقال: لا أعلم. ثم أقبل علي وقال: لا أعلم شيئاً أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النظر. وذلك أني كنت بنيسابور مقيماً، فكان يرد إلي من بخارى كتب، وكن قرابات لي يقرئن سلامهن في الكتب، فكنت أكتب إلى بخارى، وأردت أن أقرئهن سلامي، فذهب علي أساميهن حين كتبت كتابي، ولم أقرئهن سلامي. وما أقل ما يذهب عني في العلم.
يعني: ما أقل ما يذهب عنه من العلم لمداومة النظر والاشتغال، وهذه قراباته قد نسي أسماءهن. وغالب الناس بخلاف ذلك؛ فتراهم يحفظون أسماء أقاربهم ومعارفهم ولا يحفظون إلا اليسير من العلم.
قال محمد بن أبي حاتم: وسمعته يقول: لم تكن كتابتي للحديث كما يكتب هؤلاء. كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبه وعلة الحديث إن كان فهماً، فإن لم يكن فهماً سألته أن يخرج إلي أصله ونسخته. فأما الآخرون فإنهم لا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون.
وسمعت العباس الدوري يقول: ما رأيت أحداً يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل. كان لا يدع أصلاً ولا فرعاً إلا قلعه. ثم قال لنا عباس: لا تدعوا شيئاً من كلامه إلا كتبتموه. سمعت إبراهيم الخواص مستملي صدقة يقول: رأيت أبا زرعة كالصبي جالساً بين يدي محمد بن إسماعيل يسأله عن علل الحديث.
فصل: في ذكائه وسعة علمه
قال جعفر بن محمد القطان إمام كرمينية فيما رواه عنه مهيب بن سليم أنه سمع محمد بن إسماعيل يقول: كتبت عن ألف شيخ أو أكثر، عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر، ما عندي حديث إلا أذكر إسناده.
وقال محمد بن أبي حاتم: قرأ علينا أبو عبد الله كتاب الهبة فقال: ليس في هبة وكيع إلا حديثان مسندان أو ثلاثة، وفي كتاب عبد الله بن المبارك