المسجد، فأتوا فسلموا عليه بالخلافة، فعقر به فلم يستطع النهوض، حتى أخذوا بضبعيه فأصعدوه المنبر، فجلس طويلاً لا يتكلم، فلما رآهم رجاء جالسين، قال: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه فنهضوا إليه فبايعوه رجلاً رجلاً، ومد يده إليهم، فصعد إليه هشام، فلما مد يده إليه قال: يقول هشام: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال عمر: إنا لله حين صار يلي هذا الأمر أنا وأنت، ثم قام فحمد الله، ثم قال: أيها الناس إني لست بقاضٍ ولكني منفذ، ولست بمبتدعٍ، ولكني متبعٌ، وإن من حولكم من الأمصار إن أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم، وإن أبوا فلست لكم بوالٍ، ثم نزل يمشي، فأتاه صاحب المراكب، فقال: ما هذا؟ قال مركب الخلافة، قال: لا ائتوني بدابتي، ثم إنه كتب إلى العمال في الأمصار، قال رجاء: كنت أظن أنه سيضعف، فلما رأيت صنعه في الكتاب علمت أنه سيقوى.
قال عمر بن مهاجر: صلى عمر بن عبد العزيز المغرب، ثم صلى على سليمان بن عبد الملك.
قال ابن إسحاق، وغيره: وذلك يوم الجمعة عاشر صفر سنة تسعٍ وتسعين.
قلت: وكان عمر في خلافة سليمان كالوزير له.
أحمد بن حنبل: حدثنا سفيان، قال: حدثني من شهد دابق، وكان مجتمع غزو الناس: فمات سليمان، وكان رجاء صاحب أمره ومشورته، فأعلم الناس بموته، وصعد المنبر، وقال: إن أمير المؤمنين كتب كتاباً وعهد عهداً ومات، أفسامعون أنتم مطيعون؟ قالوا: نعم، وقال هشام بن عبد الملك: نسمع ونطيع إن كان فيه استخلاف رجلٍ من بني عبد الملك، قال: فجذبه الناس حتى سقط وقالوا: سمعنا وأطعنا، فقال رجاء: قم يا عمر، فقال عمر: والله إن هذا لأمر ما سألته الله قط.
وعن الضحاك بن عثمان قال: لما انصرف عمر عن قبر سليمان، قدموا له مراكب سليمان، فقال:
فلولا التقى ثم النهى خشية الردى لعاصيت في حب الصبى كل زاجر قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى له صبوةٌ أخرى الليالي الغوابر