فلما سمعت من سيدي خرجت إلى الشيخ يعقوب بن كراز فأخبرته، فقال: لك حسب، أو لذريّتك معك؟ فعدت إلى سيدي فقلت له فقال: لك ولذريّتك إلى يوم القيامة، البيعة عامة، والنعمة تامة، والضمين ثقة، هي اليوم مشيخة وإلى يوم القيامة مملكة بمشيخة.
نقلت أكثر ما هنا عن يعقوب من كتاب مناقب ابن الرفاعي - رضي الله عنه - جمع الشيخ محيي الدين أحمد بن سليمان الهمّامي الحسيني الرفاعي شيخ الرواق المعمور بالهلالية بظاهر القاهرة، سمعه منه الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن الشيخ أبي طالب الأنصاري الرفاعي الدمشقي، ويعرف بشيخ حطّين، بالقاهرة سنة ثمانين وست مائة. وقد كتبه عنه مناولةً وإجازةً المولى شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزري، وأودعه تاريخه في سنة خمس وسبع مائة، فأوّله قال: ذكر ولادته. ثم قال: قال الشيخ أحمد بن عبد الرحمن ابن الشيخ يعقوب بن كراز؛ وأكثر الكتاب عن الشيخ يعقوب، وهو نحو من أربعة كراريس. وهو ثمانية فصول في مقاماته وكراماته، وغير ذلك. وهي بلا إسناد، وقع الاختيار منها على هذا القدر الذي هنا.
وتوفي الشيخ ولم يعقب، وإنما المشيخة في أولاد أخيه.
قال القاضي ابن خلّكان: كان رجلًا صالحًا، شافعيًّا، فقيهًا، انضم إليه خلق من الفقراء، وأحسنوا فيه الاعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية، ويقال لهم البطائحية، ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّةً، والنزول إلى التنانير وهي تتضرم نارًا، والدخول إلى الأفرية وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخبّاز يخبز في الجانب الآخر، وتوقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ. ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يحصون ويقومون بكفاية الجميع. والبطائح عدّة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة.