الحصار جمعتين، ثم أُخذت بالأمان وهدمت، وكانت من أمنع الحصون.
ثم سار السلطان بالجيش حتى أشرف على عكا، ورجع ودخل مصر في ثالث عشر ذي الحجة، ونابه في هذه السفرة فوق ثمانمائة ألف دينار، فلما دخل قبض على هؤلاء الأمراء الكبار: الحلبي، والمحمّدي، وإيدُغدي الحاجبي، والمساح، وبيدغان، وطرطح؛ لأنه بلغه عنهم أنهم هّموا بالفتك به.
ومن عجيب الاتفاق أن مكة جاء بها زيادةٌ وسيلٌ عرمرم، بحيث أن الماء بلغ إلى فوق الحجر الأسود.
ومن العجائب أن مياه دمشق والعاصي والفرات قلت ونقصت نقصاً مجحفاً، حتى هلك شيءٌ من الأشجار وبطلت الطواحين، وعملت طواحين بمدارات، وكانت الفواكة في هذه السنة قليلة.
ومما جرى في هذه السنة وقبلها وبعدها تولي القاضي نجم الدّين ابن سنيّ الدولة تدريس الأمينية، والقاضي عز الدّين ابن الصائغ تدريس العادلية، وأخوه عماد الدّين تدريس العذراوية، ورشيد الدّين الفارقي الناصرية، والبرهان المراغي الركُّنية، والعز بن عبد الحق الأسدية، وتاج الدّين عبد الرحمن المجاهدية، وأخوه شرف الدّين الصارمية، والبهاء ابن النحّاس القليجية، وابن عمه مجير الدّين الرَّيحانية، والوجيه ابن منجى المسماريَّة، والتقيّ الترُّكماني المعظَّمية، والشمس ابن الكمال الضّيائية، والعز عمر الإربلي الجاروخية، وشرف الدّين ابن المقدسيّ العادلية الصغيرة.
وجهز السلطان وهو منازل حصن الأكراد سبعة عشر شينياً في البحر، عليها الرئيّس ناصر الدّين رئيّس مصر، والهواري رئيّس الإسكندرية، وعلوي رئيّس دمياط، والجمال بن حسون مقدَّم على الجميع، لكونه بلغه أن صاحب قبرس قدم عكا، فاغتنم السلطان الفرصة وبعث هؤلاء إلى قبرس، فوصلوها ليلاً، فهاجت عليهم ريحٌ طردتهم عن المرسى وألقت بعض الشّواني على بعض، فتحطمت وتكسر منها أحد عشر شينياً، وأُسر من فيها من المقاتلة والبحارة، وكانوا نحواً من ألفٍ وثمانمائة، وسلم ناصر الدّين وابن حسون في الشواني السّالمة.