للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعمّرة، وهذا لعلَّه عاش ثمانمائة سنة أو أكثر. انتهى قوله.

وفي ربيع الآخر قدِم القاهرةَ الحاكمُ بأمر الله ومعه ولدُه وجماعة، فأكرمه الملك الظاهر وأنزله بالبُرج الكبير، وهو أحمد بن أبي عليّ القُبّي ابن عليّ ابن أبي بكر ابن أمير لمؤمنين المسترشد بالله ابن المستظهر.

وفيها عزل النجيبي عن الأستاذ دارية ووليها عز الدين أيدمر الظاهري الهاشميّ العبّاسي. اختفى وقت أخذ بغداد ونجا، ثمّ خرج منها وفي صُحبته زين الدّين صالح بن محمد ابن البنّاء الحاكمي، وأخوه محمد، ونجم الدّين ابن المُشّاء، فقصد حسين بن فلاح أمير بني خفاجة، فأقام عنده مدَّةً، ثمّ توصّل مع العرب إلى دمشق، وأقام عند الأمير عيسى بن مُهنّا والد مُهنّا مدّةً، فطالع به السلطان الملك النّاصر، فأرسل يطلبه، فبغته مجيء التّتار. فلمّا ملك الملك المظفَّر دمشق سيّر أمير قِلِيج البغدادي إلى ناحية العراق وأمره بتطلُّب الحاكم، فاجتمع به وبايعه على الخلافة، وتوجّه في خدمته الأمير عيسى والأمير عليّ بن صقر ابن مخلول، وعمر بن مخلول، وسائر آل فضل، سوى أولاد حُذيفة. فافتتح الحاكم بالعرب عانَةَ، والحديثة، وهيت، والأنبار، وضرب مع القراوول رأسًا بقرب بغداد في أواخر سنة ثمانٍ وخمسين، فانتصر عليهم، وقُتل من التّتار خلْقٌ، ولم يُقتل من أصحابه غير ستّة، فيقال، والله أعلم: قُتِل من التّتار نحو ألف وخمسمائة فارس، منهم ثمانية أمراء. فجاء جيش للتّتار عليهم قرابُغا، فرد المسلمون على حميّة، فتبعهم قُرابُغا إلى هيت وردّ. وأقام الحاكم عند ابن مُهنَّا، فكاتبه علاء الدّين طيْبرس نائب دمشق يومئذ للملك الظّاهر يستدعيه، فقدِم دمشقَ في صفر فبعثه إلى السّلطان، في خدمته الثّلاثة الّذين خرجوا معه من بغداد.

وكان المستنصر بالله قد تقدّمه بثلاثة أيّام إلى القاهرة، فما رأى أن يدخل على إثره خَوفًا من أن يُمسك، فهرب راجلًا وصُحْبته الزَّين صالح البناّء، وقصدا دمشق، ودلّهما بدويٌّ من عرب غَزِية، فاختفيا بالعُقَيبة، وحصّلا ما يركبان، وقصدا سَلَمِية، وصحبَهما جماعةٌ أتراك، فوجدوا أهل سَلَمِيَة

<<  <  ج: ص:  >  >>