وقدِم على السّلطان وهو بدمشق الملك الأشرف صاحب حمص، فخلع عليه وأعطاه ثمانين ألف درهم، وزاده تلَّ باشر.
وفي ذي الحجّة سار الرشيديّ في عسكرٍ إلى أرض أنطاكية فأغار عليها.
قال قُطْب الدّين: وفي رمضان وقع الصُّلح بين التّتار وبين الملك المظفَّر ابن السّعيد صاحب ماردين، فتوجّه إليهم ومعه هديّة سَنِيّة من جُملتها باطية مجوهرة قيمتها أربعة وثمانون ألف دينار، فأكرموه، ثمّ قتلوا أصحابه، وكانوا سبعين نفسا بلا ذَنْب ولا جُرْم، بل أرادوا قصّ جناحه.
وفي رمضان وقع المصافّ بين الأخوين رُكْن الدّين صاحب الرّوم، وأخيه عزّ الدّين بقُرب قُونية، فانتصر رُكْن الدّين لأنه كان معه نجدة من التّتر، وقُتِل من عسكر عزّ الدّين خلْق، وأُسِر جماعة فشُنقوا. وأقام عزّ الدّين بأنطاكية.
[سنة ستين وستمائة]
في أوّلها دخل البرلي إلى حلب مرّة أخرى، فخرج البُنْدُقْدار عنها، وأظهر البرلي طاعةَ السّلطان، وكان شجاعًا مذكورًا لا يُصطلى بناره.
وقال ابن خلِّكان، رحمه الله: في أثنائها توجّه عسكر الشّام إلى أنطاكية، فأقاموا قليلًا عليها، ثمّ رجعوا، فأخبرني بعضهم بغريبة، وهي أنهم نزلوا على جَرُود وهي بين دمشق وحمص فاصطادوا حُمْر وحش كثيرة، فذبح رجلُ حمارًا وطبخ لحمه، فبقي يومًا يوقد لا ينضج لحمُه ولا يتغيَّر ولا قارب النُّضج، فقام جُنْدي فأخذ الرأس فوجد على أذنه وسمًا، فقرأه، فإذا هو بهرام جور. فلمّا أتوا أحضروا تلك الأذن إليَّ، فوجدت الوسم ظاهرًا وقد رقّ شعْر الأذُن، وموضع الوسْم أسود، وهو بالقلم الكوفيّ. وبهرام جور من ملوك الفُرس كان إذا كثُر عليه الوحش وسَمَه وأطْلقه. وحُمر الوحشْ من الحيوانات