الّلأمَة جُنْدُه واستوحش من الوزير، فهاشت العامَّة وعظُم الأمر، وقُتل جماعةٌ كثيرة وجُرح خلْق، ثمّ كتب المستعصم أمانًا بخطّه للدُّويْدار فرضي.
[حريق المسجد]
وفي ليلة الجمعة مستَهَلّ رمضان احترق مسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابتداء حريقه من زاويته الغربيَّة بشمال، دخل بعض القوام إلى خزانة ومعه مُسْرجة فعلقت في الآلات، ثمّ اتصلت بالسَّقف سريعًا، ثمّ دبَّت في السّقوف آخذةً نحو القبلة، وعجز الناس عن إطفائها، فما كان إلاّ ساعة حتى احترقت سقوف المسجد كلّها، ووقعت بعض أساطينه وذاب رصَاصُها، وكلّ ذلك قبل أن ينام الناس، واحترق سقْف الحُجْرة النّبوية، ووقع ما وقع منه في الحُجْرة، وترك على حاله لما شرعوا في عمارة سقْفها وسقْف المسجد، نقل هذا أبو شامة وغيره.
ومما قيل في ذلك:
لم يحترق حرَمُ الرسول لحادثٍ نخشى عليه ولا دهاه العار لكنّما أيدي الرّوافض لا مَسَتْ ذاك الجناب فطهّرته النار وفيها كان خروج الطّاغية هولاكو بن تولي بن جنكزخان، فسار في المغول من الأردو فملك الألَموت وقلاع الإسماعيلية التي بنواحي الرّيّ.
قال ابن السّاعي: بعث هولاكو إلى مقدّمة الباطنيّة رُكن الدّين فبعث أخاه في ثلاثمائة فقتلهم هولاكو وتهدّد رُكن الدين، فنزل إليه بأمان، ثمّ قتله وخرّب قلعته، ثم خرب الألَموت وسائر قلاع الباطنية، ثم ترحل قاصدًا العراق وسيَّر باجونُويْن إلى الرّوم فانهزم صاحبُها إلى بلاد الأشكريّ فملكت التّتار سائر الرّوم، ونهبوا وقتلوا وفعلوا الأفاعيل.
وتوجّه الملك الكامل محمد ابن شهاب الدّين غازي صاحب ميَّافارقين إلى خدمة هولاكو، فأكرمه وأمّنه وأعطاه فَرَمَانًا ورجع إلى بلده.
وفيها فُتحت المدرسة النّاصرية بدمشق عند الفراغ من بنائها، وحضر الدرس يومئذ السّلطان.
وفيها شرعوا في بناء الرّباط النّاصري، واحتفلوا له، وجابوا له الحجر