فقال: لم تقل هذا لمعاوية وابنه، وقد نلت منهما مائة وخمسين ألفا، قلت: نعم، من أجل ذلك قلت هذا، وخفت إن أنت هلكت أن لا يلي أمر الناس بعدك إلا الخنازير.
١٢٨ - أبو الرباب القشيري، واسمه مطرف بن مالك.
بصري من كبار التابعين وثقاتهم. لقي أبا الدرداء، وكعب الأحبار، وأبا موسى، وشهد فتح تستر.
روى عنه: زرارة بن أوفى، وأبو عثمان النهدي، ومحمد بن سيرين.
فروى محمد عنه قال: دخلنا على أبي الدرداء نعوده، وهو يومئذ أمير، وكنت خامس خمسة في الذين ولوا قبض السوس، فأتاني رجل بكتاب فقال: بيعونيه، فإنه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تحسنون، فنزعنا دفتيه، فاشتراه بدرهمين، فلما كان بعد ذلك خرجنا إلى الشام، وصحبنا شيخ على حمار بين يديه مصحف يقرأه ويبكي، فقلت: ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه كذا وكذا، فقال: إنه ذاك، قلت: فأين تريد؟ قال: أرسل إلي كعب الأحبار عام أول فأتيته، ثم أرسل إلي، فهذا وجهي إليه، قلت: فأنا معك، فانطلقنا حتى قدمنا الشام، فقعدنا عند كعب، فجاء عشرون من اليهود فيهم شيخ كبير يرفع حاجبيه بحريرة فقالوا: أوسعوا أوسعوا، فأوسعوا، وركبنا أعناقهم، فتكلموا فقال كعب: يا نعيم، أتجيب هؤلاء أو أجيبهم؟ قال: دعوني حتى أفقه هؤلاء ما قالوا، ثم أجيبهم، إن هؤلاء أثنوا على أهل ملتنا خيرا، ثم قلبوا ألسنتهم، فزعموا أنَّا بعنا الآخرة بالدنيا، هلم فلنواثقكم، فإن جئتم بأهدى مما نحن عليه اتبعناكم، وإن جئنا بأهدى منه لتتبعنا، قال: فتواثقوا، فقال كعب: أرسل إلي ذلك المصحف، فجيء به، فقال: أترضون أن يكون هذا بيننا؟ قالوا: نعم، لا يحسن أحد يكتب مثله اليوم، فدفع إلى شاب منهم، فقرأ كأسرع قارئ، فلما بلغ إلى مكان منه نظر إلى أصحابه كالرجل يؤذن صاحبه بالشيء، ثم جمع يديه فقال به، فنبذه، فقال كعب: آه، وأخذه فوضعه في حجره، فقرأ، فأتى على آية منه، فخروا سجدا، وبقي الشيخ يبكي، فقيل: وما يبكيك؟ فقال: وما لي