ولما سار طاهر إلى الأهواز بلغه أن محمد بن يزيد بن حاتم المهلبي عامل الأمين عليها قد توجه في جمع عظيم يريد النزول بجنديسابور، وهو ما بين حد الأهواز والجبل، ليحمي الأهواز، فدعا طاهر عدة أمراء من جنده بأن يكمشوا السير.
ثم سارت عساكره حتى أشرفوا على عسكر مكرم، وبه محمد بن يزيد، فرجع فدخل الأهواز، ثم عبى أصحابه على بابها والتقوا، وطال الحرب بينهم، ثم نزل محمد بن يزيد هو وغلمانه عن خيلهم وعرقبوها، وقاتل حتى قتل، طعنه رجل برمح، فذكر بعضهم مصرعه ورثاه، فقال:
من ذاق طعم الرقاد من فرح فإنني قد أضر بي سهري ولى فتى الرشد فافتقدت به قلبي وسمعي وغرني بصري كان غياثا لدى المحول فقد ولى غمام الربيع والمطر
وأقام طاهر بالأهواز، وولى عماله على اليمامة والبحرين، ثم أخذ على طريق البر متوجها إلى واسط، وبها يومئذ السندي بن يحيى الحرسي، وجعلت المسالح كلما قرب طاهر من واحدة هرب من يحفظها، فجمع السندي والهيثم بن شعبة أصحابهما، وهما بالقتال، ثم هربا عن واسط، فدخلها طاهر، ووجه إلى الكوفة أحمد بن المهلب القائد، وعليها يومئذ العباس بن موسى الهادي، فبلغه الخبر، فخلع الأمين، وكتب بالطاعة إلى طاهر، ونزلت خيله واسط ثم فم النيل، وكتب عامل البصرة منصور بن المهدي إلى طاهر بالطاعة، ثم نزل طاهر جرجرايا وخندق عليه، وكتب بالطاعة أمير الموصل المطلب بن عبد الله بن مالك للمأمون، كل ذلك في رجب.
ولما كتب هؤلاء إلى طاهر بالطاعة، أقرهم على أعمالهم، واستعمل على مكة والمدينة داود بن عيسى بن موسى الهاشمي، وعلى اليمن يزيد بن جرير القسري.
ثم غلب طاهر على المدائن، ثم صار منها إلى نهر صرصر، فعقد عليه جسرا، فوجه الأمين محمد بن سليمان القائد، ومحمد بن حماد البربري ليبيتا