يوم معاوي. فرماهم أهل الكرخ، وثارت الفتنة، ومنعت الصلاة، ونهبت دار الشريف المرتضى، فخرج مروعا، فجاءه جيرانه الأتراك فدافعوا عنه وعن حرمه، وأحرقت إحدى سرياته.
ونهبت دور اليهود وطُلبوا؛ لأنهم أعانوا أهل الكرخ فيما قيل. ومن الغد اجتمع عامة السنة، وانضاف إليهم كثير من الأتراك، وقصدوا الكرخ، فأحرقوا الأسواق، وأشرف أهل الكرخ على خطة عظيمة.
وركب الخليفة إلى الملك والإسفهسلارية ينكر ذلك، وأمر بإقامة الحد في الجُناة، فركب وزير الملك، فوقعت في صدره آجرة وسقطت عمامته، وقتل من أهل الكرخ جماعة، وانتهب الغلمان ما قدروا عليه، وأحرق وخرب في هذه الفتنة سوق العروس، وسوق الصفارين، وسوق الأنماط، وسوق الزياتين، وغير ذلك.
وزاد الاختلاف والفرقة، وعبر سكران بالكرخ فضُرب بالسيف فقتل، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السلطان لسقوط هيبته.
ثم قتلت العامة الكلالكي، وكان ينظر في المعونة، وتبسط العوام وأثاروا الفتن، ووقع القتال في البلد من الجانبين، واجتمع الغلمان، وأظهروا الكراهة للملك جلال الدولة، وشكوا اطراحهم واطراح تدبيرهم، وأشاعوا أنهم يقطعون خطبته.
وعلم الملك فقلق، وفرق مالا في بعضهم، ووعدهم وحلف لهم. ثم عادوا للخوض في قطع خطبته، وقالوا: قد وقفت أمورنا وانقطعت موادنا ويئسنا من خير ذا، ودافع عنه الخليفة. هذا، والعامة في هرج وبلاء، وكبسات وويل.
وأقبلت النصارى الروم، فأخذوا من الشام قلعة فامية.
ومات في آخر السنة القادر بالله، واستخلف القائم بأمر الله، وله إحدى وثلاثون سنة، وأمه أم ولد أرمنية اسمها بدر الدجى، أدركت خلافته.
فأول من بايعه الشريف المرتضى، وقال: إذا ما مضى جبل وانقضى فمنك لنا جبل قد رسى وإنا فُجعنا لبدر التمام وعنه لنا ناب بدر الدجى لنا حزن في محل السرور وكم ضحك في خلال البكا فيا صارما أغمدته يدٌ لنا بعدك الصارم المنتضى