للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غزوة الرجيع]

وهي في صفر من السنة الرابعة، فيما ورخه الواقدي (١). وقال: هي على سبعة أميال من عسفان. فحدثني موسى بن يعقوب، عن أبي الأسود قال (٢): بعث رسول الله أصحاب الرجيع عيونا إلى مكة ليخبروه.

قال إبراهيم بن سعد (٣)، عن ابن شهاب: أخبرني عمر (٤) بن أسيد ابن جارية الثقفي، أن أبا هريرة قال: بعث رسول الله عشرة رهط عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة؛ بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام. فاقتصوا آثارهم، حتى وجدوا مأكلهم التمر، فقالوا: نوى يثرب، فاتبعوا آثارهم. فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى قردد - أي فدفد من الأرض - فأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا، فأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا. فقال عاصم: أما أنا فوالله لا أنزل في ذمة مشرك، اللهم أخبر عنا نبيك. فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصما في سبعة من أصحابه، ونزل إليهم ثلاثة على العهد والميثاق: خبيب، وزيد بن الدثنة (٥)، وآخر. فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها. فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة - يريد القتلى - فجروه وعالجوه، فأبى أن يصحبهم، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد، حتى باعوهما بمكة بعد وقعة


(١) المغازي ١/ ٣٥٤، ودلائل النبوة ٣/ ٣٢٣.
(٢) هكذا في النسخ، وفي مغازي الواقدي: "عن أبي الأسود، عن عروة، قال: "وهو خطأ، وإن كان الأسود هو راوي مغازي عروة، فقد نقل البيهقي في "الدلائل" (٣/ ٣٢٣) نص الواقدي وليس فيه "عن عروة" فتبين صحة ما نقله الذهبي، والله أعلم.
(٣) دلائل النبوة للبيهقي ٣/ ٣٢٤.
(٤) يقال فيه "عمرو "أيضًا، لكن "عمر" أصح، كما في "الجرح والتعديل" ٦/ الترجمة ٥٠٥.
(٥) ينظر في تقييده توضيح ابن ناصر الدين ٤/ ٢٤.