المنصور، وأفرج عنه، وكان النصر على يده، وهو مقنع، فقال له المنصور: من أنت ويحك؟ فكشف القناع، وقال: أنا طلبتك معن بن زائدة، فأكرمه وحباه، وصيره من خواصه، ثم ولاه اليمن وغيرها.
قال غياث بن إبراهيم: دخل معن على المنصور فقارب في خطوه، فقال: كبرت سنك يا معن، فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين، قال: إنك لتتجلد، قال: لأعدائك، قال: وإن فيك لبقية، قال: هي لك.
قال سعيد بن سالم: لما ولي معن أذربيجان للمنصور قصده قوم من أهل الكوفة فنظر إليهم في هيئة رثة فوثب على أريكته، وأنشأ يقول:
إذا نوبة نابت صديقك اغتنم مرمتها فالدهر بالناس قلب فأحسن ثوبيك الذي هو لابس وأفره مهريك الذي هو يركب.
يا غلام أعط لكل واحد أربعة آلاف، فقال الغلام: دنانير يا سيدي أو دراهم؟ فقال معن: والله لا تكون همتك أرفع من همتي، صفرها لهم.
وقال أبو عبيدة: وقف شاعر بباب معن سنة لا يصل إليه، وكان معن شديد الحجاب، فلما طال مقامه سأل الحاجب أن يوصل إليه رقعة، وكان الحاجب حدبا عليه فأوصل الرقعة فإذا فيها هذا:
إذا كان الجواد شديد الحجاب فما فضل الجواد على البخيل.
فكتب فيها:
إذا كان الجواد قليل مال ولم يعذر تعلل بالحجاب
فقال الشاعر: إنا لله أيؤيسني من معروفه، ثم ارتحل، فأخبر بانصرافه فأتبعه بعشرة آلاف درهم، وقال: هي لك عنده في كل زورة.
قال العتبي: قدم معن بغداد فأتاه ابن أبي حفصة فأنشده:
وما أحجم الأعداء عنك بقية عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا له راحتان الحتف، والجود فيهما أبى الله إلا أن تضرا وتنفعا
فقال معن: احتكم يا أبا السمط، فقال: عشرة آلاف، فقال معن: ربحت والله عليك تسعين ألفا.
وعن أبي عثمان قال: استعمل المنصور قثم رجلا من بني العباس، فأتاه أعرابي فقال: