للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف بن شدّاد، وقرأ عليه أكثر صحيح مسلم من حفْظه. وتفقّه بحلب على مذهب أبي حنيفة.

وكان بصيراً بالقراءات ووجوهها وعللها، حاذقاً بالعربيّة، عارفاً باللّغة، مليح الخطّ إلى الغاية على طريقة المغاربة، كثير الفضائل، موطَّأ الأكناف، وافر الدّيانة، ثقة فيما ينقله. تصدَّر للإقراء بحلب، وأخذ عنه خلْقٌ، منهم: بدر الدّين محمد بن أيوب التّادفيّ، وبهاء الدّين محمد بن إبراهيم ابن النّحّاس النّحويّ، وجمال الدّين أحمد ابن الظّاهريّ، والشّيخ يحيى المَنْبِجيّ، والنّاصح أبو بكر بن يوسف الحرّانيّ، والشّريف أبو محمد الحسين بن قتادة المدنيّ، وعبد الله بن إبراهيم بن رفيعا الجزريّ وكان يتكلّم في الأصول على طريقة الأشعريّة. وقد شرح حرْز الأماني شرحاً في غاية الجودة، أبان فيه عن تضلُّع من العلوم وتبحُّر في القراءات وإسناده في القراءات نازل كما ترى، فلهذا لم أنشط للأخذ عن أصحابه.

سمعت أبا عبد الله محمد بن أيّوب المقرئ يقول: سمعت شيخنا أبا عبد الله الفاسيّ يقول: مررت ببلد من أعمال الدّيار المصريّة وبها طائفة يمتحنون الشّخص، فكلّ من لم يقُل إنّ الله تكلّم بحرفِ وصوت آذوه وضربوه. فأتاني جماعة وقالوا: يا فقيه أيْش تقول في الحرف والصّوت؟ فألهمت أنْ قلت: كلَّم الله موسى بحرفٍ وصوتٍ على طور سيناء. قال: فأكرموني تلك اللّيلة وأحضروا قصب السُّكَّر ونحوه. وبكّرت بالغُدُوّ خوفاً أن يشعروا بي في جعل موسى الفاعل.

قلت: الّذي أعتقده ما صرحّ به النّصّ، وهو أنّ الله كلَّم موسى تكليماً، وسمع موسى كلامَ الله حقيقةً بأذنه، وما عدا هذا لا أخوض فيه، ولا أكفّر من خاض فيه من الطّرفين.

قال أبو شامة: في ربيع الآخر جاءنا الخبر من حلب بموت الشّيخ أبي عبد الله الفاسيّ، وكان عالماً فاضلاً، شرح قصيدة الشّاطبيّ شرحاً حسناً.

٣١٥ - محمد بن عبد الصَّمد بن عبد الله بن حيْدرة، فتحُ الدّين السُّلميّ، الزَّبَدَانيّ، المعروف بابن العدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>