ففي المحرم سار السلطان من دمشق إلى مصر على البريد وفي صحبته البيسري، وجرمك الناصري، وآقوش الرومي، فوصلوا في ستة أيام، وأقام خمسة ورجع فوصل دمشق في خمسة.
وفي المحرم قدم الكافر صاحب النوبة فنهب عيذاب وقتل خلقا، منهم واليها وقاضيها، فسار متولي قوص وقصد بلاد النوبة، فدخل بلد الجون وقتل من فيه وأحرقه وكذا فعل بحمص إبريم وأرميا، وغير ذلك. وهو علاء الدين أيدغدي الحرب دار.
وفي جمادى الأولى بلغ السلطان وهو بدمشق أن فرقة من التتار نازلوا البيرة، فسار إلى حمص، ثم إلى بزاعة، فأخبر أن التتار ثلاثة آلاف على الفرات، فرحل إلى الفرات وأمر الجيش بخوضها، فخاض الأمير سيف الدين قلاوون وبدر الدين بيسري في أول الناس، ثم تبعهما هو ووقعوا على التتار، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا نحو المائتين، وساق وراءهم البيسري إلى سروج. أما الذين نازلوا البيرة فإنهم سمعوا بذلك، فترحلوا عن البيرة منهزمين وأتاها السلطان فخلع على الكبار وفرق في أهلها مائة ألف درهم.
وللشهاب محمود، أبقاه الله، في ذلك:
سر حيث شئت لك المهيمن جار واحكم فطوع مرادك الأقدار حملتك أمواج الفرات ومن رأى بحرا سواك تقله الأنهار وتقطعت فرقا ولم يك طودها إذ ذاك إلا جيشك الجرار