الأشعري الذي قال هذه المقالة، فإن لم تدينوا بها ولم يقل الأشعري شيئا منها فلا عليكم مما نقول. قال القشيري: فأخذنا في الاستعطاف، فلم تسمع لنا حجة، ولم تقض لنا حاجة، فأغضينا على قذى الاحتمال، وأحلنا على بعض العلماء، فحضرنا وظننا أنه يصلح الحال، فقال: الأشعري عندي مبتدع يزيد على المعتزلة. يقول القشيري: يا معشر المسلمين، الغياث الغياث.
وفيها استولى الملك الرحيم على أرجان ونواحيها، وأطاعه من بها من العسكر ومقدمهم فولاذ الديلمي.
[سنة ست وأربعين وأربعمائة]
فيها تفاوض الأتراك في الشكوى من وزير السلطان، وعزموا على الشغب، فبرزوا الخيم وركبوا بالسلاح، وكثرت الأراجيف، وغلقت الدروب ببغداد، ولم يصل أحد جمعة إلا القليل في جامع القصر، ونقل الناس أموالهم، فنودي في البلد: متى وجد الوزير عند أحد حل ماله ودمه، وركبت الأتراك فنهبوا دورا للنصارى، وأخذوا أموالا من البيعة وأحرقوها، ودافع العوام عن نفوسهم، فراسل الخليفة الأتراك وأرضاهم. ثم إن الوزير ظهر فطولب، فجرح نفسه بسكين، فتسلمه البساسيري، وتقلد الوزارة أبو الحسين بن عبد الرحيم.
وقصد قريش بن بدران الأنبار فأخذها، ورد أبو الحارث البساسيري إلى بغداد من الوقعة مع بني خفاجة، فسار إلى داره بالجانب الغربي ولم يلم بدار الخلافة على رسمه، وتأخر عن الخدمة، وبانت فيه آثار النفرة. فراسله الخليفة بما طيب قلبه فقال: ما أشكو إلا من النائب في الديوان. ثم توجه إلى الأنبار فوصلها، وفتح وقطع أيدي طائفة فيها، وكان معه دبيس بن علي.
وفي سنة ست ملكت العرب الذين بعثهم المستنصر لحرب المعز بن باديس، وهم بنو زغبة، مدينة طرابلس المغرب. فتتابعت العرب إلى إفريقية، وعاثوا وأفسدوا، وأمروا عليهم مؤنس بن يحيى المرداسي، وحاصروا المدن وخربوا القرى، وحل بالمسلمين منهم بلاء شديد لم يعهد مثله قط. فاحتفل ابن باديس وجمع عساكره، فكانوا ثلاثين ألف فارس، وكانت العرب ثلاثة