للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريقة عال، روى لنا عنه ولده عبد الرزاق، وأحمد ابن البندنيجي، وابن القبيطي، وغيرهم.

كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي بخطه قال: قال لي الشيخ عبد القادر: طالبتني نفسي يوما بشهوة، فكنت أضاجرها، وأدخل في درب وأخرج إلى درب أطلب الصحراء، فبينما أنا أمشي إذ رأيت رقعة ملقاة، فإذا فيها: ما للأقوياء والشهوات، إنما خلقت الشهوات للضعفاء ليتقووا بها على طاعتي، فلما قرأتها خرجت تلك الشهوة من قلبي، قال: وقال لي: كنت أقتات بخرنوب الشوك، وورق الخس من جانب النهر.

قرأت بخط أبي بكر عبد الله بن نصر بن حمزة التيمي: سمعت عبد القادر الجيلي قال: بلغت بي الضائقة في غلاء نزل ببغداد، إلى أن بقيت أياما لا آكل فيها طعاما بل أتبع المنبوذات، فخرجت يوما إلى الشط لعلي أجد ورق الخس والبقل، فما ذهبت إلى موضع إلا وجدت غيري قد سبقني إليه، فرجعت أمشي في البلد، فلا أدرك موضعا قد كان فيه شيء منبوذ إلا وقد سبقت إليه، فأجهدني الضعف، وعجزت عن التماسك، فدخلت مسجدا، وقعدت، وكدت أصافح الموت، إذ دخل شاب أعجمي ومعه خبز وشواء، وجلس يأكل، فكنت أكاد كلما رفع يده باللقمة أن أفتح فمي من شدة الجوع، حتى أنكرت ذلك على نفسي، إذ التفت فرآني، فقال: بسم الله؛ فأبيت، فأقسم علي، فبادرت نفسي إلى إجابته، فأبيت مخالفا لها ولهواها، فأقسم علي، فأجبته، فأكلت مقصرا، وأخذ يسألني: ما شغلك، ومن أين أنت؟ فقلت: أما شغلي فمتفقه، وأما من أين، فمن جيلان، فقال: وأنا والله من جيلان، فهل تعرف لي شابا جيلانيا اسمه عبد القادر، يعرف بسبط أبي عبد الله الصومعي الزاهد؟ فقلت: أنا هو، فاضطرب لذلك، وتغير وجهه، وقال: والله يا أخي، لقد وصلت إلى بغداد، ومعي بقية نفقة لي فسألت عنك، فلم يرشدني أحد، إلى أن نفدت نفقتي، وبقيت بعدها ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلا من مالك معي، فلما كان هذا اليوم الرابع قلت: قد تجاوزتني ثلاثة أيام لم آكل فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>