وفيها، أو في حدودها، وثبوا على نائب دمشق سالم بن حامد، فقتلوه يوم الجمعة على باب الخضراء. وكان من العرب، فلما ولي أذل قوما بدمشق من السكون والسكاسك، ولهم وجاهة ومنعة، فثاروا به وقتلوه. فندب المتوكل لدمشق أفريدون التركي، وسيره إليها. وكان شجاعا فاتكا ظالما، فقدم في سبعة آلاف فارس، وأباح له المتوكل القتل بدمشق والنهب - على ما نقل إلينا - ثلاث ساعات. فنزل ببيت لهيا، وأراد أن يصبح البلد، فلما أصبح نظر إلي البلد وقال: يا يوم ما يصبحك مني. وقدمت له بغلة فضربته بالزوج فقتلته، وقبر ببيت لهيا، ورد الجيش الذي معه خائفين. وبلغ المتوكل، فصلحت نيته لأهل دمشق.
وفيها أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي - رضي الله عنهما - وهدم ما حوله من الدور، وأن تعمل مزارع. ومنع الناس من زيارته وحرث وبقي صحراء. وكان معروفا بالنصب، فتألم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد، وهجاه الشعراء، دعبل، وغيره. وفي ذلك يقول يعقوب بن السكيت، وقيل: هي للبسامي علي بن أحمد، وقد بقي إلي بعد الثلاثمائة:
تالله إن كانت بنو أمية قد أتت. . . قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله. . . هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا. . . في قتله، فتتبعوه رميما
وفيها غزا علي بن يحيى الصائفة في ثلاثة آلاف فارس، فكان بينه وبين ملك الروم مصاف، انتصر فيه المسلمون، وقتل خلق من الروم، وانهزم ملكهم في نفر يسير إلي القسطنطينية. فسار الأمير علي، فأناخ على عمورية، فقاتل أهلها، وأخذها عنوة، وقتل وأسر، وأطلق خلقا من الأسر، وهدم كنائسها، وافتتح حصن الفطس، وسبى منه نحو عشرين ألفا.
وحج بالناس محمد المنتصر ولي العهد، ومعه أم المتوكل وشيعها المتوكل إلي النجف ورجع، وأنفقت أموالا جزيلة.