وكان إماما زاهدا، صوّاما، صادقا، كثير التهجُّد، مجاب الدَّعوة، قليل المثل. وكان مجتهدا لا يقلّد أحدا بل يفتي بالأثر. وقد أخذ بإفريقية عن: سحنون بن سعيد.
قال أحمد بن أبي خيثمة: ما كنّا نسمّيه إلا المكنسة، وهل احتاج بلدٌ فيه بقيُّ إلى أن يأتي إلى ها هنا منه أحد؟
وقال طاهر بن عبد العزيز: حملت معي جزءا من مسند بقيّ إلى المشرق، فأريته محمد بن إسماعيل الصّائغ، فقال: ما اغترف هذا إلاّ من بحر، وعجب من كثرة علمه.
وقال إبراهيم بن حيُّون، عن بقيّ، قال: لمّا رجعت من العراق، أجلسني يحيى بن بكير إلى جنبه، وسمع منّي سبعة أحاديث.
وقال أبو الوليد ابن الفرضيّ: ملأ بقيّ بن مخلد الأندلس حديثا، فأنكر عليه أصحابه الأندلسيُّون، ابن خالد، ومحمد بن الحارث وأبو زيد ما أدخله من كتب الاختلاف وغرائب الحديث، فأغروا به السُّلطان، وأخافوه به. ثمّ إنّ الله أظهره عليهم وعصمه منهم؛ فنشر حديثه وقرأ للنّاس روايته.
ثمّ تلاه ابن وضّاح، فصارت الأندلس دار حديث وإسناد. وممّا انفرد به، ولم يدخله سواه مصنَّف أبي بكر بن أبي شيبة، وكتاب الفقه للشّافعيّ بكماله، وتاريخ خليفة، وكتابه الكبير في الطّبقات، وكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز للدَّورقيّ؛ وليس لأحدٍ مثل مسنده. وكان ورعا فاضلا زاهدا، قد ظهرت له إجابات الدّعوة في غير ما شيء.
قال: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضّاح لا يسمعون منه، للّذي بينهما من الوحشة. ولد في رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ستًّ وسبعين؛ ورّخه عبد الله بن يونس.
وقال الحافظ ابن عساكر: لم يقع إلي حديث مسند من حديثه.