دع سيف مقولي البليغ يذب عن أعراضكم بفرنده المتوقّد فهو الّذي قد صاغ تاج فخاركم بمفصَّلٍ من لؤلؤٍ وزبرجد ثم أخذ يصف نفسه وجوده ومحاسنه وسؤدده، إلى أن قال:
يا مُحرجي بالقول، والله الّذي خضعت لعزّته جباه السُّجّد لولا مقال الهجر منك لما بدا منّي افتخارٌ بالقريض المُنشد إن كنت قلت خلاف ما هو شيمتي فالحاكمون بمسمع وبمشهد والله يا ابن العمّ لولا خيفتي لرميت ثغرك بالعداة المُرّد لكنّي مّمن يخاف حرامة ند ماً يُجرّعني سمام الأُسود فأراك ربُّك بالهدى ما ترتجي ليراك تفعل كلّ فعلٍ مُرشد لتعيد وجه المُلك طلقاً ضاحكاً وتردّ شمل البيت غير مُبدّد كيلا ترى الأيام فينا فرصة للخارجين وضحكة للحُسّد ثم إن السلطان طلب الأمير حسام الدين ابن أبي علي وولاه نيابة الديار المصرية، واستناب على دمشق الصاحب جمال الدين يحيى بن مطروح. ثم قدم الشام، وجاء إلى خدمته صاحب حماة الملك المنصور- وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وصاحب حمص - وهو صغير- فأكرمهما وقربهما، ووصل إلى بعلبك، ثم رد إلى دمشق. ثم قدم على نائب مصر حسام الدين والده بدر الدين محمد بن أبي علي، وقرابته علاء الدين، وكانا في حبس صاحب حمص، فلما مات أطلقهما ابنه، فتوفي بدر الدين بعد قدومه بيسير. ثم رجع السلطان ومرض في الطريق.
حكى لي الأمير حسام الدين قال: لما ودعني السلطان قال: إني مسافر، وأخاف أن يعرض لي موت وأخي العادل بقلعة مصر فيأخذ البلاد، وما يجري عليكم منه خير، فإن مرضت ولو أنه حمى يوم فأعدمه، فإنه لا خير فيه، وولدي تورانشاه لا يصلح للملك، فإن بلغك موتي فلا تسلم البلاد لأحد من أهلي، بل سلمها للخليفة.
وأما عسقلان وطبرية، فلما تسلمتهما الفرنج من الصالح إسماعيل بنوهما، وحصنوا القلعتين فنازلهما فخر الدين ابن شيخ الشيوخ بعدما ترحل عن