حصار الكرك، ففتحهما وهدمهما. ودقت البشائر. وفتر السلطان عن أخذ حمص لانتماء صاحبها الأشرف، وأبوه إلى السلطان ومؤازرتهما له. ثم قدم الأشرف للسلطان قلعة شميمس فتسلمها. وأما حماة فكانت لابن أخته الملك المظفر وبها الصاحبة أخت السلطان، ثم تملكها الملك المنصور ابن المظفر، وتزوج ببنت أخت السلطان فاطمة خاتون ابنة الكامل، وكانت فاطمة بحلب، وهي والدة صاحبها الآن الملك الناصر صلاح الدين ابن العزيز، فزوج أخته بصاحب حماة في هذه السنة، وجاءت إليه في تجمل عظيم.
ثم دخلت سنة ست وأربعين فصرف السلطان نيابة مصر عن حسام الدين بجمال الدين ابن يغمور، وبعث الحسام بالمصريين إلى الشام، فأقاموا بالصالحية أربعة أشهر.
قال ابن واصل: وأقمت مع حسام الدين هذه المدة، وكان السلطان في هذه المدة وقبلها مقيماً بأشمون طناح، ثم رجعنا إلى القاهرة.
وفيها خرجت الحلبيون وعليهم شمس الدين لؤلؤ الأميني، فنازلوا حمص ومعهم الملك الصالح إسماعيل يرجعون إلى رأيه، فنصبوا المجانيق وحاصروها شهرين، ولم ينجدها صاحب مصر، وكان السلطان مشغولاً بمرض عرض له في بيضه، ثم فتح وحصل منه ناسور يعسر برؤه، وحصلت له في رئته بعد قرحة متلفة، لكنه عازم على إنجاد صاحب حمص.
ولما اشتد الخناق بالأشرف صاحب حمص اضطر إلى أن أذعن بالصلح، وطلب العوض عن حمص تل باشر مضافاً إلى ما بيده، وهو الرحبة وتدمر، فتسلمها الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وأقام بها نواباً لصاحب حلب. فلما بلغ السلطان وهو مريض أخذ حمص غضب وعظم عليه، وترحل إلى القاهرة، واستناب بها ابن يغمور، وبعث الجيوش إلى الشام لاستنقاذ حمص. وسار السلطان في محفة، وذلك في سنة ست وأربعين، فنزل بقلعة دمشق وبعث جيشه فنازلوا حمص، ونصبوا عليها المجانيق، فمما نصب عليها منجنيق مغربي، ذكر لي الأمير حسام الدين أنه كان يرمي حجراً زنته مائة وأربعون رطلاً بالشامي. ونصب عليها قرابغا واثني عشر منجنيقاً سلطانية، وذلك في الشتاء.
وخرج صاحب حلب بعسكره فنزل بأرض كفرطاب، ودام الحصار إلى