للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنتظم، كما هو مشهور وأيدها عبد اللطيف البغدادي "ت ٦٢٩ هـ " وجماعة من المعاصرين كما نقل الذهبي في ترجمته (١).

ثانيًا: التعصب والإنصاف في النقد:

كان من منهج الذهبي نقل آراء الموافقين والمخالفين في المترجم ليقدم صورة كاملة عنه، وهو طابع عام في كتابه تجده في كل ترجمة من تراجمه، بينما اقتصر آخرون على إيراد المدائح في كتبهم مثل السبكي "ت ٧٧١ هـ" وغيره. كما أن الذهبيَّ عني بترجمة عدد كبير من المعاصرين له ولا سيما في معجمه الكبير، ومعجمه المختص بالمحدثين، ولا ريب أنه نَقَدَ بعضهم فلم يعجبهم ذلك، وتأذى البعض منهم وغضب غضبًا شديدًا مثل شمس الدين محمد بن أحمد بن بصخان المقرئ المتوفى سنة ٧٤٣ هـ الذي ترجم له الذهبي وأورد بعض ما فيه من القدح. فكتب ابن بصخان هذا بخط غليظ على الصفحة التي بخط الذهبي كلامًا أقذع فيه بحق الذهبي بحيث صار خط الذهبي لا يقرأ غالبه (٢).

وقد عرفنا من حياة الذهبي أنه رافق الحنابلة وتأثر بشيخه ابن تيمية لا سيما في العقائد (٣)، فكان شافعي الفروع حنبلي الأصول، ولذلك عني عند النقد بإيراد العقائد على طريقة أهل الحديث واعتبرها جزءًا منه كما بينا قبل قليل.

ووجدنا في البيئة الدمشقية في الوقت نفسه مَنْ يتعصبُ للأشاعرةِ غاية التعصب.

وبسبب العقائد انْتُقِدَ الذهبيُّ من بعض معاصريه لاسيما تلميذه تاج الدين عبد الوهاب السبكي "٧٢٨ - ٧٧١ هـ" (٤) في غير موضعٍ من كتابه "طبقات


(١) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ٤٥٧.
(٢) السخاوي: الإعلان، ص ٤٧٠، وانظر الذهبي: معجم الشيوخ، م ٢ الورقة ٣٠ - ٣١.
(٣) انظر أعلاه الفصل الأول من الباب الأول.
(٤) اتصل السبكي بالذهبي سنة ٧٣٩ هـ ولم يبلغ آنذاك اثني عشر عامًا، ولازمه فكان يذهب إليه في كل يوم مرتين، وقد ترجم له الذهبي في معجمه المختص (انظر مقدمة طبقات الشافعية).

<<  <  ج: ص:  >  >>