للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية الكبرى" (١) وفي كتابه الآخر "معيد النعم" (٢)، فقال في ترجمته من الطبقات: "وكان شيخنا - والحق أحق ما قيل والصدق أولى ما آثره ذو السبيل - شديد الميل إلى آراء الحنابلة، كثير الإزراء بأهل السنة، الذين إذا حضروا كان أبو الحسن الأشعري فيهم مقدم القافلة، فلذلك لا ينصفهم في التراجم، ولا يَصِفُهم بخيرٍ إلا وقد رَغِمَ منه أنفُ الراغم. صنّف التاريخ الكبير، وما أحسنه لولا تعصب فيه، وأكمله لولا نقص فيه وأي نقص يعتريه" (٣)، وقال في ترجمة أحمد بن صالح المصري من الطبقات أيضًا: "وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له، فإنه على حُسْنِه وجمعه مشحونٌ بالتعصب المفرط لا واخذه الله، فلقد أكثرَ الوقيعةَ في أهل الدين، أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق، واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين، ومال فأفرط على الأشاعرة، ومدح فزاد في المُجَسِّمة، هذا وهو الحافظ المدره والإمام المبجل، فما ظنك بعوام المؤرخين" (٤). وذكر في موضع آخر أنه نقل من خط صلاح الدين خليل بن كيلكدي العلائي "٦٩٤ - ٧٦١ هـ"، وهو من تلاميذ الذهبي والمتصلين به (٥)، أنه قال ما نصه: "الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي لا أشك في دينه وورعه وتَحَرِّيه فيما يقوله الناس، ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات" ومنافرة التأويل، والغفلة عن التنزيه حتى أثرَ ذلك في طبعه انحرافًا شديدًا عن أهل التنزيه وميلًا قويًا إلى أهل الإثبات، فإذا ترجم واحدًا منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه، ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن، وإذا ذكر أحدًا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه، ويكثر من قول مَنْ طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه، ويعتقده دينًا، وهو لا يشعر، ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها. وكذلك فعله في أهل عصرنا، إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته: والله يصلحه، ونحو ذلك، وسببه المخالفة في


(١) انظر مثلًا: ج ٢ ص ١٣ فما بعد، ج ٣ ص ٢٩٩، ٣٥٢ - ٣٥٣، ٣٥٦، ج ٤ ص ٣٣، ١٣٣، ١٤٧، ج ٩ ص ١٠٣ - ١٠٤ وغيرها.
(٢) معيد النعم، ص ٧٤، ٧٧.
(٣) ج ٩ ص ١٠٣ - ١٠٤.
(٤) ج ٢ ص ٢٢.
(٥) ابن حجر: الدرر، ج ٢ ص ١٧٩ - ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>