وسمعت خالد بن عبد الله الحَبشي يقول: إنه رأى ليلة توفي الشيخ الموفق كأن القرآن قد رُفع من المصاحف، وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المصري يقول: رأيت وقت مات الشيخ الموفق في النوم، كأن قد رُفعت قناديل الجامع كلها، وسمعت الشريف عبد الرحمن بن محمد العَلَوي يقول: رأينا ليلة الأحد في قريتنا مُردك - وهي في جبل بني هلال على دمشق - ضوءاً عظيماً جداً حتى أضاء له جبل قاسيون، فقلنا قد احترقت دمشق، قال: وخرج أهل قريتنا الرجال والنساء يتفرّجون على الضوء، فلما جئنا إلى بعض الطريق سألنا: أيش الحريق الذي كان بدمشق؟ فقالوا: ما كان بها حريق، فلما وصلنا إلى هنا قال لي ابني: إن الشيخ الموفق توفي، فقلت: ما كان هذا النور إلا لأجله.
قال الضياء: وقد سمعنا نحو هذا من غير واحدٍ يُحدِّثه، أنه رأى ذلك بحوران، وبالطريق، وسمعت العدْل أبا عبد الله محمد بن نصر بن قوّام التاجر بعد موت الشيخ الموفق بأيام، قال: رأيت ليلة الجُمُعة في الثُّلث الأخير الحق عز وجل وكأنه عالٍ علينا بنحوٍ من قامة، يعني ليس هو على الأرض، وإلى جانبي رجل خطر في قلبي أنه الخَضِر عليه السّلام، فذُكر الشيخ الموفق، فقال الحق للخَضِر: هل تعرف أخته وابنته؟ فقال: لا، قال: بلى اذهب، فعزّهما في الموفق، وخطر ببالي أنه تعالى يقول: فإني أعددت له ما لا عَيْنٌ رأت، ولا أذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم انتبهت.
وقد ساق الضياء منامات كثيرة في سيرة الشيخ الموفق، تركتُها خوف الإطالة.
ثم قال: تزوّج ببنت عمّته مريم بنت أبي بكر بن عبد الله بن سعد، فولدت له أولاداً، عاش منهم حتى كبُر: أبو الفضل محمد، وأبو المجد عيسى، وأبو العز يحيى، وصفيّة، وفاطمة، فمات بنوه في حياته، ولم يعقب منهم سوى عيسى، وتسرّى بجارية، ثم ماتت هي وزوجته بعدها، ثم تسرّى بجارية، وجاءه منها بنت، ثم ماتت البنت، وروّح الجارية، ثم تزوّج عزية بنت إسماعيل، وتوفيت قبله، ومن شعره: