وهربوا فقصدوا الشام على ناحية أيلة في ربيع الأول سنة تسع وأربعين. وملك الصالح طلائع بن رزيك ديار مصر من غير قتال، وأتى إلى دار عباس المعروفة بدار الوزير المأمون ابن البطائحي التي هي اليوم المدرسة السيوفية الحنفية، فاستحضر الخادم الصغير الذي كان مع الظافر لما نزل سرًا، وسأله عن الموضع الذي دفن فيه الظافر، فعرفه به، فقلع البلاطة التي كانت عليه، وأخرج الظافر ومن معه من المقتولين، وحملوا، وقطعت عليهم الشعور، وناحوا عليهم بمصر، ومشى الأمراء قدام الجنازة إلى تربة آبائه، وتكفل الصالح بالصغير ودبر أحواله.
وأما عباس ومن معه، فإن أخت الظافر كاتبت إفرنج عسقلان الذين استولوا عليها من مديدة يسيرة، وشرطت لهم مالًا جزيلًا إذا خرجوا عليه وأخذوه. فخرجوا عليه، فواقعهم، فقتل عباس، وأخذت أمواله، وهرب ابن منقذ في طائفة إلى الشام. وأرسلت الفرنج نصر بن عباس إلى مصر في قفص حديد. فلما وصل تسلم رسولهم المال، وذلك في ربيع الأول سنة خمسين. ثم قطعت يد نصر، وضرب ضربًا مهلكًا وقرض جسمه بالمقاريض، ثم صلب على باب زويلة حيًا، ثم مات. وبقي مصلوبًا إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين، فأحرقت عظامه. وهلك الفائز في رجب سنة خمس، وهو ابن عشر سنين أو نحوها.
وقيل: إن الملك الصالح ابن رزيك بعث إلى الفرنج يطلب منهم نصر بن عباس، وبذل لهم أموالًا، فلما وصل سلمه الملك الصالح إلى نساء الظافر، فأقمن يضربنه بالقباقيب واللوالك أيامًا، وقطعن لحمه، وأطعمنه إياه إلى أن مات، ثم صلب.
ولما مات الفائز بالله بايعوا العاضد لدين الله أبا محمد عبد الله بن يوسف ابن الحافظ عبد المجيد بن محمد ابن المستنصر العبيدي، ابن عم الفائز، وأجلسه الملك الصالح طلائع بن رزيك على سرير الخلافة، وزوجه بابنته. ثم استعمل الصالح على بلد الصعيد شاور البدوي الذي وزر.
١٧٢ - فضائل بن حسن، أبو القاسم الأنصاري، الدمشقي، الكتاني.