للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعوامّ، لا يمنع أحداً. وأسقطت المكوس في أيامه، وألبس أهل الذّمة الغيار. ومحاسنه كثيرة، وصدقاته غزيرة، وتواضعه أمر عجيب - فرحمه الله تعالى -.

٢٨٤ - محمد بن عبّاد بن محمد بن إسماعيل بن قريش، السّلطان المعتمد على الله أبو القاسم ابن السّلطان المعتضد بالله أبي عمرو ابن الإمام الفقيه قاضي إشبيلية، ثم سلطانها الظّافر المؤيّد بالله أبي القاسم بن أبي الوليد اللخمي، من ولد النّعمان بن المنذر صاحب الحيرة.

كان المعتمد صاحب إشبيلية وقرطبة، وأصلهم من بلاد العريش التي كانت في أوّل رمل مصر، فدخل أبو الوليد الأندلس.

مات المعتضد سنة إحدى وستّين وأربع مائة، فتملّك بعده المعتمد هذا. وكان عالماً، ذكيّاً، أديباً، شاعراً محسناً، وكان أندى الملوك راحةً، وأرحبهم ساحةً، كانت حضرته ملقى الرّحال، وموسم الشّعراء، وقبلة الآمال ومألف الفضلاء. وشعره في غاية الحسن، وهو مدوّن موجود.

قال أبو بكر محمد بن عيسى اللخمي الدّاني المعروف بابن اللّبّانة الشّاعر: ملك المعتمد من مسوّرات البلاد ما بين أمصارٍ ومدن وحصون مائتي مسوّر وإحدى وثلاثين مسوّراً. وخلع من ملكه عن ثمان مائة سرّية، وولد له مائة وثلاثةٌ وسبعون ولداً. وكان راتبه كلّ يومٍ ثمان مائة رطل لحم، وكان له ثمانية عشر كاتباً.

وذكر القاضي شمس الدّين ابن خلكان، قال: كان الأدفونش بن فردلند ملك الفرنج بالأندلس قد قوي أمره، وكانت ملوك الطّوائف من المسلمين بجزيرة الأندلس يصالحونه، ويؤدون إليه ضريبة، ثمّ إنّه أخذ طليطلة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربع مائة بعد حصارٍ شديد، وكانت للقادر بالله بن ذي النّون. وكان المعتمد مع كونه أكبر ملوك الجزيرة يؤدّي الضّريبة للأدفونش، فلمّا ملك الكلب طليطلة قويت نفسه، ولم يقبل ضريبة المعتمد، وأرسل إليه يتهدّده ويقول: تنزل عن الحصون التي بيدك، ويكون لك السّهل. فضرب

<<  <  ج: ص:  >  >>