وقل لي مجازاً إن عدمت حقيقةً بأنّك في نعمى فقد كنت منعما أفكّر في عصر مضى لك مشرقاً فيرجع ضوء الصّبح عندي مظلما وأعجب من أفق المجرّة إذ رأى كسوفك شمساً كيف أطلع أنجما قناةٌ سعت للطّعن حتى تقصّدت وسيفٌ أطال الضّرب حتى تثلمّا بكى آل عبّاد ولا كمحمّدٍ وأبنائه صوب الغمامة إذ هما صباحهم كنا به نحمد السّرى فلمّا عدمناهم سرينا على عمى وكنّا رعينا العزّ حول حماهم فقد أجدب المرعى وقد أقفر الحمى وقد ألبست أيدي اللّيالي محلّهم مناسج سدّى الغيث فيها وألحما قصورٌ خلت من ساكنيها فما بها سوى الأدم تمشي حول واقفة الدّمى كأن لم يكن فيها أنيسٌ ولا التقى بها الوفد جمعاً والخميس عرمرما حكيت وقد فارقت ملكك مالكاً ومن ولهي أبكي عليك متمّما تضيق علي الأرض حتّى كأنّني خلقت وإيّاها سواراً ومعصما وإنّي على رسمي مقيمٌ فإن أمت سأجعل للباكين رسمي موسماً بكاك الحيا والرّيح شقّت جيوبها عليك وناح الرّعد باسمك معلما ومزّق ثوب البرق واكتست الضحى حداداً وقامت أنجم اللّيل مأتما وما حلّ بدر التّمّ بعدك دارةً ولا أظهرت شمس الظّهيرة مبسما سينجيك من نجّى من الجبّ يوسفاً ويؤويك من آوى المسيح ابن مريما
ثمّ إنّه وفد على المعتمد وهو في السجن وفادة وفاءٍ لا استجداء، وحكى أنه لما عزم على الانفصال عنه، بعث إليه عشرين ديناراً، وتفصيلة، وأبياتاً يعتذر فيها، قال: فرددتها عليه لعلمي بحاله، وأنّه لم يترك عنده شيئاً.
قال ابن خلّكان: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، ومات في شوّال سنة ثمانٍ وثمانين.
قلت: وقد سمّى ابن اللّبّانة أولاد المعتمد الذين في الحياة بأسمائهم وألقابهم، فذكر نحواً من أربع وثلاثين بنتا، وثلاثين ذكراً.
٢٨٥ - محمد بن عبد الواحد، أبو بكر الأصبهاني، عرف بخوروست.