حكاها ابن الأثير، وقال: كان عدة القتلى تقارب اثني عشر ألف قتيل.
وفيها مات صاحب دمشق شمس الملوك دقاق بن تتش، وأقيم ولده بتدبير الأتابك طغتكين، وقيل: بل لما مات دقاق أحضر طغتكين أرتاش أخا دقاق من بعلبك، وكان أخوه حبسه بقلعتها، فلما قدم سلطنه طغتكين، فبقي في الملك ثلاثة أشهر، ثم هرب سراً لأمر توهمه من طغتكين، فذهب إلى بغدوين الذي ملك القدس مستنصراً به، فلم يحصل منه على أملٍ، فتوجه إلى العراق على الرحبة فهلك في طريقه.
وأما صنجيل - لعنه الله - فطال مقامه على طرابلس، حتى إنه بنى على ميل منها حصناٍ صغيراً، وشحنه بالرجال والسلاح، فخرج صاحب طرابلس ابن عمار في ذي الحجة، فهجم هذا الحصن وملكه، وقتل كل من فيه، وهدم بعضه، ودخل البلد بالغنائم منصوراً، وكان ابن عمار بطلاً، شجاعاً، مهيباً، برز إلى الفرنج مرات، وانتصر عليهم، وبذل وسعه في الجهاد.
وفيها جمع بزغش مقدم جيش سنجر عسكراً كثيراً وخلقاً من المطوعة، وسار إلى قتال الإسماعيلية، وقصد طبس، وهي لهم، فخربها وما جاورها من القلاع والقرى، وأكثر فيهم النهب والسبي والقتل، وفعل بهم الأفعال العظيمة. ثم إن أصحاب سنجر أشاروا بأن يؤمنوا، ويشترط عليهم أن لا يبنوا حصناً، ولا يشتروا سلاحاً، ولا يدعوا أحداً إلى عقائدهم، فسخط كثير من الناس هذا الأمان، ونقموه على السلطان سنجر، ومات بزغش، وختم له بغزو هؤلاء الكلاب الزنادقة.
[سنة ثمان وتسعين وأربعمائة]
في ثاني ربيع الآخر، مات السلطان بركياروق، وملكت الأمراء بعده ولده جلال الدولة ملكشاه، وخطب له ببغداد وهو صبي له دون الخمس سنين.
وأما السلطان محمد، فكان مقيماً بتبريز، فسار إلى مراغة يريد