وفيها تمهن الجواد وضعف عن سلطنة دمشق، وقايض الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بدمشق سنجار وعانة. وكان الجواد قد سلط على أهل دمشق خادما يقال له: الناصح، فصادرهم، وضرب، وعلق.
(وأما عماد الدين ابن الشيخ، فإنه سار إلى مصر، فلامه الملك العادل ابن الكامل، وتوعده، لكونه قام في سلطنة الجواد، فقال: أنا أمضي إلى دمشق، وأنزل بالقلعة، وأبعث إليك بالجواد. فقدم دمشق، ونزل بالقلعة، فأمر ونهى وقال: أنا نائب السلطان، وقال للجواد: تسير إلى مصر. فاتفق الجواد والمجاهد شيركوه على قتل عماد الدين.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: ذكر لي سعد الدين مسعود ابن تاج الدين شيخ الشيوخ قال: خرجنا من القاهرة في ربيع الأول، فودع عماد الدين إخوته فقال له أخوه فخر الدين: ما أرى رواحك رأيا، وربما آذاك الجواد. فقال: أنا ملكته دمشق فكيف يخالفني؟ قال: صدقت، أنت فارقته أميرا، وتعود وقد صار سلطانا، فكيف يسمح بالنزول عن السلطنة؟ وأما إذا أبيت، فانزل على طبرية وكاتبه، فإن أجاب، وإلا فتقيم مكانك، وتعرف العادل. فلم يلتفت إلى قول فخر الدين، وسار.
قال سعد الدين: فنزلنا المصلى، وجاء الجواد فتلقانا وسار معنا، وأنزل عماد الدين في القلعة. وقدم أسد الدين شيركوه من حمص، وبعث الملك الجواد لعماد الدين الذهب والخلع، فما وصلني من رشاشها مطرٌ مع ملازمتي لعماد الدين في مرضه، فإنه ما خرج من القاهرة إلا في محفةٍ.
ثم إن الجواد رسم عليه في الباطن ومنعه الركوب، واجتمع به وقال: إذا أخذتم مني دمشق وأعطيتموني الإسكندرية، فلابد لكم من نائب بدمشق فاحسبوني ذلك النائب،