البُنْدُقْداريّ وطائفة، ودخل جماعةٌ منهم القاهرة مستأمنين، وكان قد جاء قبلهم عز الدّين الأفرم فأُكْرم.
وفيها قدِم الشيخ نجم الدّين الباذرائيّ بالخلعة الخليفتيّة للملك النّاصر بالسّلطنة فركب بها، وكان يومًا مشهودًا، فلما رجع توجَّه معه إلى العراق الناصر داود في جماعة من أولاده، وكان قد أباعه النّاصر داره المعروفة بدار سامة فصيَّرها مدرسة، فلما وصلوا إلى قرقيسيا أشار الباذرائيّ عليه بالإقامة حتى يستأذن له، فأقام ولم يجئْه إذْنٌ، فردَّ إلى الشام، وتوجَّه في البريَّة إلى أن وصل إلى تِيه بني إسرائيل واجتمع إليه العُرْبان.
وفيها أغارت التّتار على بلاد الموصل وفتكوا.
وفيها بَطَل سعد الدّين خضر بن حمويه وترك الجُنْديّة وزالت سعادته والتجأ إلى التَّصوُّف، قال في تاريخه: ولمّا عاندني الدَّهر في أموري، وباعد سروري، وكدَّر مشاربي، وعسَّر مآربي، وانقطعت الأرزاق، وانحلّ كيس الإنفاق، خرجت من مصر، فلما حلَلْتُ بدمشق، مسقط رأسي، فوجدتُها وقد صوَّح واديها، وخلا من الأنيس ناديها، وارتفعت منها البركات، وأحيط بها الظُّلم والظلمات، والأسواق كاسدة، والرعايا فاسدة، عدم الحياء، وظهرت الجنايات، وسفل المعروف، وعلت المُنْكرات، وأُحدّث من الرسوم ما لم يُعْهَد، وحُمِّلوا أثقالًا مع أثقالهم، إن استغاثوا بالملك أجابهم بالضَّرب والرّدّ، وإن استنجدوا بالوزير عاملهم بالإعراض والصّدّ، وإن سألوا الحاجب طلب الرِّشا بلا حمد.
إلى أن قال: لا يحضر لهم أحد على مائدة، ولا يرجع من عندهم بفائدة، قومٌ إذا أكلوا أخفوا كلامهم واستوثقوا من رِتاج الباب والدّار، يكذبون ويحلِفون، ويعدون ويُخْلِفون، وعلى حريم أصحابهم بالفاحشة يخلفون، قد قنع كل منهم بلؤمه، ولفَّ ذنبه على خيشومه، قيل لوزيرهم: إنا نُطيل الجلوس، فلو جعلت علامةً لقيامنا. قال: إذا قلت يا غلام هاتِ الغداء فانصرفوا، وقال صاحب ديوانهم لغُلامه: هات غدائي وأغلِقِ الباب. فقال: بل أُغْلق الباب وأجيء بالطعام. قال: أنت أحذق منّي، فأنت حرٌّ لوجه الله.