٢٥٠ - سليمان بن أرسلان، المعروف بشرف الدين ابن شاووش البغدادي.
كان يخدم في السواد فعلا وساد، وناب في وزارة الناصر لدين الله أول ما استخلف، ثم عزل بعد شهرين لشيخوخته وضعفه.
توفي في جمادى الأولى عن سنّ عالية (١).
٢٥١ - عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد، كمال الدين أبو البركات الأنباري النحوي، الرجل الصالح، صاحب التصانيف المفيدة.
سكن بغداد من صباه، وتفقّه بالنظامية على أبي منصور ابن الرزاز، وقرأ النحو على أبي السعادات ابن الشجري، واللغة على أبي منصور ابن الجواليقي. وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق في عصره، وأقرأ الناس ودرّس النحو بالنظامية، ثم انقطع في منزله مشتغلًا بالعلم والعبادة والورع وإفادة الناس. وكان زاهدًا ناسكًا، تاركًا للدنيا، ذا صدق وإخلاص.
قال الموفق عبد اللطيف: أما شيخنا كمال الدين الأنباري فلم أر في العبّاد والمنقطعين أقوى منه في طريقه، ولا أصدق منه في أسلوبه، جد محض لا يعتريه تصنّع، ولا يعرف الشرور، ولا أحوال العالم. وكان له من أبيه دار يسكنها، ودار وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار في الشهر ينتفع به ويشتري منه ورقًا. وسيّر إليه المستضيء خمس مائة دينار فردّها، فقالوا له: اجعلها لولدك، فقال: إن كنت خلقته فأنا أرزقه. وكان لا يوقد عليه ضوءًا. وتحته حصير قصب، وعليه ثوب وعمامة من قطن يلبسهما يوم الجمعة. وكان لا يخرج إلاّ للجمعة، ويلبس في بيته ثوبًا خلقًا. وكان ممن قعد في الخلوة عند الشيخ أبي النجيب. قرأ عليه معيد بالنظامية، فبقي يكثر الصياح والكلام، فلطمه على رأسه وقال: ويلك، إذا كنت تجترّ في المرعى متى ترعى؟ وللشيخ مائة وثلاثون مصنفًا، أكثرها نحو، وبعضها في الفقه والأصول، والتصوّف، والزهد، أتيت على أكثرها قراءةً، وسماعًا وحفظًا.
قلت: من كتبه أسرار العربية، الإنصاف في مسائل الخلاف،
(١) ينظر تاريخ ابن الدبيثي، الورقة ٧١ (باريس ٥٩٢٢).