وحش، فجئنا إلى حِمص، فجاء الملك المجاهد أسد الدين، وقدّم له حصاناً، فركبه، ودخل معهم، وفعل عجائب.
وكان الشيخ عبد الله يقول للفقيه محمد: في وفيك نزلت: {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ}.
وقال ابن العديم في تاريخ حلب: أخبرني الفقيه محمد اليونيني أن الشيخ عبد الله كان يصلي بعد العشاء الآخرة وِرداً إلى قريب ثلث الليل، فكان ليلة يعاتب ربه - عزّ وجلّ - ويقول: يا رب الناس ما يأتوني إلا لأجلك، وأنا قد سألتك في المرأة الفلانية والرجل الفلاني أن تقضي حاجته، وما قضيتَها، فهكذا يكون؟ وكان يتمثّل بهذه الأبيات كثيراً ويبكي:
شفيعي إليكم طول شوقي إليكم وكل كريمٍ للشفيع قُبول وعُذري إليكم أنني في هواكم أسيرٌ ومأسور الغرام ذليل فإن تقبلوا عُذري فأهلاً ومرحباً وإن لم تُجيبوا فالمُحبُّ حمول سأصبر لا عنكم ولكن عليكم عسى لي إلى ذاك الجَنابِ وصول قال الصاحب أبو القاسم: وقد صحِبته ووهب لي قميصاً له أزرق، وقال لي يوماً ببيت المقدس: يا أبا القاسم، اعشق تفلح! فاستحييت، وذلك في سنة ثلاث وستمائة، ثم بعد مدة سارّني بجامع دمشق، وقال: عشقت بعد؟ فقلت: لا. قال: شُهْ عليك. واتفق أني تزوجت بعد ذاك بسنة، ومِلْتُ إلى الزوجة ميلاً عظيماً، فما كنت أصبر عنها.
قال ابن العزّ عمر: قرأت في تاريخ ابن العديم، بغير خطه، قال سيدنا العلاّمة أبو عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني: كنت عند الشيخ يوماً فجاءه رجلان من العرب، فقالا: نطلع إليك؟ قال: لا، فذهب أحدهما وجلس الآخر، فقال الشيخ: فأما الزَّبَد فيذهب جُفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، ثم قال له: اطلع. وطلع، فأقام عندنا أياماً، فقال له الشيخ: تحبّ أن أريك قبرك؟ قال: نعم، فأتى به المقبرة، فقال: هذا قبرك. فأقام بعد ذلك اثني عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً، ثم مات، فدُفن في ذلك المكان. وكان له