وقال أبو منصور علي بن علي الأمين: لما رجع الخطيب من الشام كانت له ثروة من الثياب والذهب، وما كان له عقب، فكتب إلى القائم بأمر الله: إني إذا مت يكون مالي لبيت المال، فأذن لي حتى أفرق مالي على من شئت. فأذن له، ففرقها على المحدثين.
وقال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أبي حدثها قال: كنت أدخل على الخطيب وأمرضه، فقلت له يوماً: يا سيدي، إن أبا الفضل بن خيرون لم يعطني شيئاً من الذهب الذي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث. فرفع الخطيب رأسه من المخدة وقال: خذ هذه الخرقة بارك الله لك فيها. فكان فيها أربعون ديناراً. فأنفقتها مدة في طلب العلم.
وقال مكي الرميلي: مرض الخطيب ببغداد في رمضان في نصفه، إلى أن اشتد به الحال في غرة ذي الحجة، وأوصى إلى أبي الفضل بن خيرون، ووقف كتبه على يده، وفرق جميع ماله في وجوه البر وعلى المحدثين، وتوفي رابع ساعة من يوم الاثنين سابع ذي الحجة، ثم أخرج بكرة الثلاثاء وعبروا به إلى الجانب الغربي، وحضره القضاة والأشراف والخلق، وتقدمهم القاضي أبو الحسين ابن المهتدي بالله، فكبر عليه أربعاً، ودفن بجنب بشر الحافي.
وقال ابن خيرون: مات ضحوة الاثنين ودفن بباب حرب، وتصدق بماله وهو مائتا دينار، وأوصى بأن يتصدق بجميع ثيابه، ووقف جميع كتبه وأخرجت جنازته من حجرة تلي النظامية في نهر معلى، وتبعه الفقهاء والخلق، وحملت جنازته إلى جامع المنصور، وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وختم على قبره عدة ختمات.
وقال الكتاني: ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر توفي في سابع ذي الحجة، وكان أحد من حمل جنازته الإمام أبو إسحاق الشيرازي، وكان ثقة، حافظاً، متقناً، متحرياً، مصنفاً.
وقال أبو البركات إسماعيل بن أبي سعد الصوفي: كان الشيخ أبو بكر بن