الماورديّ البصريّ. تفقَّه على أبي القاسم الصَّيمريّ بالبصرة، وارتحل إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني، ودرس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة، وله مصنَّفات كثيرة في الفقه والتفسير، وأصول الفقه، والأدب، وكان حافظا للمذهب. قال: وتوفي ببغداد.
وقال القاضي شمس الدّين في وفيات الأعيان: من طالع كتاب الحاوي له شهد له بالتبحُّر ومعرفة المذهب، ولي قضاء بلاد كثيرة، وله تفسير القرآن سمّاه النُّكت، وله أدب الدّنيا والدّين، والأحكام السُّلطانية، وقانون الوزارة وسياسة الملك، والإقناع في المذهب وهو مختصر، وقيل إنه لم يظهر شيئا من تصانيفه في حياته، وجمعها في موضع، فلما دنت وفاته قال لمن يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها لأني لم أجد نيّةً خالصةً، فإذا عاينت الموت ووقعت في النَّزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها، فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فاعمد إلى الكتب وألقها في دجلة، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يدك، فاعلم أنها قد قبلت، وأني قد ظفرت بما كنت أرجوه من النية. قال ذلك الشّخص: فلّما قارب الموت، وضعت يدي في يده، فبسطها ولم يقبض على يدي، فعلمت أنها علامة القبول، فأظهرت كتبه بعده.
قلت: آخر من روى عنه أبو العزّ بن كادش.
وقال ابن خيرون: كان رجلا عظيم القدر، متقدِّما عند السّلطان، أحد الأئمة. له التّصانيف الحسان في كلّ فنّ من العلم. بينه وبين القاضي أبي الطّيّب في الوفاة أحد عشر يوما.
قال أبو عمرو بن الصّلاح: هو متَّهم بالاعتزال، وكنت أتأول له وأعتذر عنه، حتى وجدته يختار في بعض الأوقات أقوالهم؛ قال في تفسيره في الأعراف: لا يشاء عبادة الأوثان، وقال في قوله:{جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} على وجهين، معناه: حكمنا بأنّهم أعداء، والثاني: تركناهم على العداوة، فلم نمنعهم منها.
قال ابن الصّلاح: فتفسيره عظيم الضّرر، لكونه مشحونا بتأويلات أهل