كان حسن الوعظ، حلو الإيراد، مليح الإشارة، قدم بغداد، وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء، وحدث عن: أبي القاسم القشيري، وغيره، وكانت وفاته بالري.
قال ابن الجوزي: لكنه كان يروي الكثير من الموضوعات. قال: وكذلك مجالس الغزالي الواعظ، وابن العبادي فيها العجائب المخترصة والمعاني التي لا توافق الشريعة، وهذه المحنة تعم أكثر القصاص، بل كلهم، لاختيارهم ما ينفق على العوام.
وذكر ابن النَّجَّار أبا الفتح هذا في تاريخه وأنه من ذرية إمام الأئمة ابن خزيمة، وأنه أملى ببغداد باستملاء من أبي بكر ابن الخاضبة، وسمع من عبد الغافر الفارسي، وأبي الخير محمد بن أبي عمران الصَّفَّار والقشيري. روى عنه محمد بن علي بن هبة الله بن عبد الله، وسعد الله بن محمد الدَّقاق، وتوفي في المحرَّم.
١٥٥ - محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريا، القاضي الزاهد أبو عبد الله ابن الفرَّاء الأندلسيُّ، قاضي المريَّة.
روى عن أبي العبَّاس العُذْري كثيراً، وعن أبي عبد الله ابن المرابط، وأبي محمد ابن العسَّال. وكان إماماً، زاهداً، صالحاً، ورعاً، متواضعاً، قوَّالاً بالحق، مقبلاً على الآخرة؛ لما شرعوا في جباية المعونة كتب إلى علي بن يوسف بن تاشفين: إن الله قلَّدك أمر المسلمين ليبلوك فيما آتاك مما يزلفك لديه أو يوبقك بين يديه، وهذا المال الذي يسمَّى المعونة جُبِيَ من أموال اليتامى والمساكين بالقهر والغصب وأنت المسؤول عنه والمحاسب على النَّقير والقطمير، والكلُّ في صحيفتك، ولعلَّ بعض فقهاء السُّوء أشار عليك بهذا واحتج لك بأن عمر أخذ من المسلمين معونة جهَّز بها جيشاً، فإنَّ عمر لم يفعل حتى توجَّه إلى القبلة وحلف أنه ليس في بيت المال درهم وأن تجهيز ذلك الجيش مهم فيلزمك أن تفعل كعمر. فلما وقف على هذا الكتاب قال: صدق، هم والله أشاروا عليَّ وما بيت المال بمحتاج، ثم ردَّ ثلث الأموال إلى أربابها