لبثنا إلا ساعة، فإذا برجل قد جاء بثمانية أرغفة وتمر كثير، فوضعه، فقال: كل يا مغموم، فدخل سائل، فقال: أطعمونا فدفع إليه ثلاثة أرغفة مع تمر، وأعطاني ثلاثة وأكل رغيفين.
وكنت مارا مع إبراهيم، فأتينا على قبر مسنم، فترحم عليه، وقال: هذا قبر حميد بن جابر أمير هذه المدن كلها، كان غرقا في بحار الدنيا ثم أخرجه الله منها، بلغني أنه سر ذات يوم بشيء ونام، فرأى رجلا بيده كتاب، فناوله ففتحه، فإذا فيه كتاب بالذهب مكتوب: لا تؤثرن فانيا على باق، ولا تغترن بملكك، فإن ما أنت فيه جسيم، لولا أنه عديم، وهو ملك لولا أن بعده هلك، وفرح وسرور لولا أنه لهو وغرور، وهو يوم لو كان يوثق له بغد، فسارع إلى أمر الله، فإن الله قال: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فانتبه فزعا، وقال: هذا تنبيه من الله وموعظة، فخرج من ملكه وقصد هذا الجبل، فعبد الله فيه حتى مات.
إسحاق بن الضيف: حدثنا علي بن محمد المعلم، عن أبيه، أن إبراهيم بن أدهم حصد ليلة ما يحصد غيره في عشرة أيام، فأخذ أجرته دينارا.
أخبرنا إسحاق الصفار، قال: أخبرنا يوسف الحافظ، قال: أخبرنا عبد الرحيم بن محمد، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم،، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: سمعت إبراهيم بن بشار، قلت لإبراهيم بن أدهم: كيف كان بدو أمرك؟ قال: غير ذا أولى بك، قلت: أخبرني لعل الله أن ينفعنا به يوما، فقال: كان أبي من أهل بلخ، وكان من ملوك خراسان المياسير، وحبب إلينا الصيد، فخرجت راكبا فرسي ومعي كلبي، فينما أنا كذلك ثار أرنب أو ثعلب، فحركت فرسي، فسمعت نداء من ورائي: ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت، فوقفت أنظر يمنة ويسرة، فلم أر أحدا، فقلت: لعن الله إبليس، ثم حركت فرسي، فأسمع نداء أجهر من ذلك: يا إبراهيم، ليس لذا خلقت، ولا