يقول: أقام عندي أبو حفص سنة مع ثمانية أنفس، فكنت كل يوم أقدم لهم طعاما وطيبا، وذكر أشياء من الثياب فلما أراد أن يذهب كسوتهم، فلما أراد أن يفارقني قال: لو جئت إلى نيسابور علمناك السخاء والفتوة، ثم قال: عملك هذا كان فيه تكلف، إذا جاءك الفقراء فكن معهم بلا تكلف، إن جعت جاعوا، وإن شبعت شبعوا.
قال الخلدي: لما قال أبو حفص للجنيد: لو دخلت خراسان علمناك كيف الفتوة، قال له البغداديون: ما الذي رأيت منه؟ قال: صير أصحابي مخنثين، كان يكلف لهم كل يوم ألوان الطعام وغير ذلك، وإنما الفتوة ترك التكلف.
وقيل: كان في خدمة أبي حفص شاب يلزم السكوت، فسأله الجنيد عنه فقال: هذا أنفق علينا مائة ألف درهم، واستدان مائة ألف درهم، ما سألني مسألة إجلالا لي.
وقال أبو علي الثقفي: كان أبو حفص يقول: من لم يزن أحواله كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره، فلا تعده.
وفي معجم بغداد للسلفي بإسناد منقطع: قدم ولدان لأبي حفص النيسابوري فحضرا عند الجنيد فسمعا قوالين فماتا، فجاء أبوهما وحضر عند القوالين، فسقطا ميتين.
وقال ابن نجيد: سمعت أبا عمرو الزجاجي يقول: كان أبو حفص نور الإسلام في وقته.
وعن أبي حفص قال: ما استحق اسم السخاء من ذكر العطاء، ولا لمحه بقلبه.
وعنه قال: الكرم طرح الدنيا لمن يحتاج إليها، والإقبال على الله لاحتياجك إليه.
وعنه قال: أحسن ما يتوسل به العبد إلى مولاه دوام الفقر إليه على جميع الأحوال، وملازمة سنة رسول الله ﷺ في جميع الأفعال، وطلب القوت جهده من وجه حلال.
توفي الزاهد أبو حفص سنة أربع وستين، وقيل: سنة خمس وستين،