وفيها عزل عن قضاء البصرة عبد الله بن الحسن، ووليها خالد بن طليق بن عمران بن حصين، فلم يحمد.
وفيها غضب المهدي على الوزير أبي عبيد الله يعقوب بن داود بن طهمان، وكان والده كاتبا لنصر بن سيار، فلما كانت أيام خروج يحيى بن زيد بن علي بن الحسين كان داود يناصحه سرا، فلما ظهر أبو مسلم صاحب الدعوة، وطلب بدم يحيى بن زيد وتتبع قتلته، كان داود هذا مطمئنا، فصادره أبو مسلم ثم أمنه، فخرج أولاده أدباء فضلاء، ولم يروا لهم منزلة عند بني العباس، وهلك أبوهم، ثم إنهم أظهروا مقالة الزيدية، وانضموا إلى آل حسن، وترجوا أن يقوم لهم دولة.
وكان يعقوب بن داود يجول في البلاد، وكتب أخوه علي بن داود لإبراهيم بن عبد الله بن حسن وقت ظهوره، فلما قتل إبراهيم اختفوا مدة، ثم ظفر المنصور بهذين الأخوين، فحبسهما حتى مات، ثم من عليهما المهدي، وكان معهما في المطبق إسحاق بن الفضل الهاشمي، وكانا يلزمانه، وبقي المهدي مدة يتطلب عيسى بن زيد بن علي، والحسن بن إبراهيم بن عبد الله، فدل على أن يعقوب بن داود تحصل له حسنا، فأدخل عليه، وعليه عباءة وعمامة قطن، ففاتحه فوجده رجلا كاملا بارعا، فسأله عن عيسى، فيزعمون أنه وعده بأن يدخل بينه وبينه، فعظمه المهدي واختص به، فلم يزل أمره يرتفع لديه حتى استوزره، وفوض إليه الأمور، وتمكن فولى الزيدية المناصب، وفي ذلك يقول بشار بن برد:
بني أمية هبوا طال نومكم إن الخليفة يعقوب بن داود ضاعت خلافتكم يا قوم فاطلبوا خليفة الله بين الدن والعود
ثم إن موالي المهدي حسدوا يعقوب وسعوا به.
ومما حظي به يعقوب عند المهدي أنه أحضر له الحسن بن إبراهيم بن عبد الله، جمع بينه وبينه بمكة، ودخل في الطاعة، فاستوحش أقارب حسن من صنيع يعقوب، فعلم أنه إن كانت لهم دولة لم يبقوه، وعلم أن المهدي لا ينظره لكثرة السعاة في شأنه، فمال إلى إسحاق بن الفضل الهاشمي، وأقبل يربص له الأمور، وسعوا إلى المهدي حتى قالوا: البلاد