السلطان وأحب ذلك، وراجع الطاعة، واطمأن الناس، وطمت الخنادق، ودخل أصحاب السلطان يقولون: لنا ثلاثة أيام ما أكلنا خبزًا، ولولا الصلح لمتنا جوعًا، وكانوا يسلقون القمح ويأكلونه، فما رؤي سلطانٌ حاصر فكان هو المحاصر، إلا هذا، وظهر منه حلم وافر عن العوام، وبعث الخليفة مع علي بن طراد إلى سنجر خلعًا وسيفين، وطوقًا ولواءين، ويأمره بإبعاد دبيس من حضرته.
وجاء الخبر بأن سنجر قتل من الباطنية اثني عشر ألفًا، فقتلوا وزيره المعين، لأنه كان يحرض عليهم وعلى استئصالهم، فتحيل رجل منهم، وخدم سائسًا لبغال المعين، فلما وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئن فقتله، وقتل بعده، وكان هذا الوزير ذا دين ومروءة، وحسن سيرة.
ومرض السلطان محمود في الميدان، وغشي عليه، ووقع من فرسه، واشتد مرضه، ثم تماثل فركب، ثم انتكس، وأرجف بموته ثم خلع عليه وهو مريض، وأشار عليه الطبيب بالرواح من بغداد، فرحل يطلب همذان، وفوض شحنكية بغداد إلى عماد الدين زنكي.
وبعد أيام جاء الخبر من همذان بأن السلطان قبض على العزيز المستوفي وصادره وحبسه، وعلى الوزير فصادره وحبسه، وكان السبب أن الوزير تكلم على العزيز، وأن برنقش الزكوي تكلم على الوزير، ثم بعث السلطان إلى أنوشروان بن خالد الملقب شرف الدين، وهو ببغداد، فاستوزره، فلم يكن له ما يتجهز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخيم والخيل، فرحل إلى أصبهان في أول رمضان في السنة، أقام في الوزارة عشرة أشهر، واستعفى وعاد إلى بغداد.
وفي رمضان وصل مجاهد الدين بهروز إلى بغداد، وقد فوض إليه السلطان بغداد والحلة، وفوض إلى زنكي الموصل، فسار إليها.
ومات عز الدين مسعود بن آقسنقر البرسقي في هذه السنة، وكان قد ولي الموصل بعد قتل والده، واتفق موته بالرحبة، فإنه سار إليها، وكان بطلًا شجاعًا، عالي الهمة، رد إليه السلطان جميع إقطاع والده، وطمع في التغلب