ودخل في عاشر محرم مؤنس والجيش، فأرجف بالمقتدر أراجيف شديدة. ثم اتفق مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك على خلعه، فخرج مؤنس في ثاني عشر محرم إلى الشماسية في الأمراء والجنود. وفي رابع عشر جاؤوا إلى دار الخلافة، فهرب الحاجب مظفر، والوزير ابن مقلة، والحشم. ودخل مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك، وحصل الجيش كله في دار الخليفة، وأخرج المقتدر بعد العشاء ووالدته وخالته وحرمه إلى دار مؤنس.
ودخل هارون من قطربل فاختفى ببغداد، فأحضروا محمد بن المعتضد من الحريم، وكان محبوساً، فوصل في الثلث الأخير، وبايعه مؤنس والأمراء، ولقب بالقاهر بالله.
وكان علي بن عيسى محبوساً فأطلق إلى بيته، وقلدوا أبا علي بن مقلة وزارة القاهر بالله، وقلدوا نازوك الحجابة والشرطة، وقلدوا أبو الهيجاء إمرة الدينور، وهمذان، ونهاوند، مع ما بيده من الجزيرة والموصل.
ووقع النهب في دار السلطان وبغداد، ونهب لأم المقتدر ستمائة ألف دينار، وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع، وذلك يوم السبت.
وجلس القاهر يوم الأحد، وكتب الوزير عنه إلى البلاد، وعمل الناس الموكب يوم الاثنين، فامتلأت دهاليز الدار بالعسكر، فطلبوا رزق البيعة ورزق سنة. ولم يأت مونس يومئذ إلى الدار، فارتفعت أصوات الرجالة، فخاف نازوك أن يتم قتال، فهجم الرجالة، فلم يكفهم أحد، فقتلوا نازوك وخادمه عجيباً وصاحوا: المقتدر يا منصور. فتهارب من في الدار حتى الوزير والحجاب.
وصاروا إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر ليردوه إلى الخلافة، وأغلق بعضهم باب دار الخلافة؛ لأنهم كانوا كلهم خدم المقتدر، فأراد أبو الهيجاء الخروج، فتعلق به القاهر وقال: تسلمني وتخرج؟ فداخلته الحمية فقال: لا والله. ورجع معه فدخلا الفردوس، وخرجا إلى الرحبة التي يسلك منها إلى باب النوبي.