معقل حبسهم يوسف بن عمر فيمن حبس من عمال خالد القسري، ومع هذين الأخوين أبو مسلم يخدمهما، فرأوا فيه العلامات فقالوا: من ذا؟ قالوا: غلام من السراجين يخدمنا، وقد كان أبو مسلم سمع الأخوين يتكلمان في هذا الرأي فإذا سمعهما بكى فدعواه إلى القيام بالأمر فأجاب.
قال ابن خلكان: كانا قد حبسا على مال الخراج، وعيسى هو جد الأمير أبي دلف، فكان أبو مسلم يختلف إلى الحبس يتعهدهما، فقدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام محمد بن علي فدخلوا يسلمون على الأخوين فرأوا أبا مسلم فأعجبهم عقله وكلامه، ومال هو إليهم، ثم عرف أمرهم ودعوتهم، وهرب الأخوان من الحبس فصحب هو النقباء إلى مكة، ثم أحضروا عشرة آلاف دينار ومائتي ألف درهم إلى إبراهيم بن محمد وقد مات أبوه، وأهدوا له أبا مسلم فأعجب به وقال لهم: هذا عضلة من العضل، فأقام يخدم إبراهيم الإمام، وعاد النقباء إلى خراسان فقال إبراهيم: إني قد جربت هذا وعرفت ظاهر كلامه وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم قلده الأمر ونفذه إلى خراسان.
قال المأمون: أجل الملوك ثلاثة قاموا بنقل الدول: الإسكندر، وأزدشير، وأبو مسلم.
ويروى أن أبا مسلم من ولد بزر جمهر، ولد بأصبهان ونشأ بالكوفة، أوصى به أبوه إلى عيسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين، فقال إبراهيم - لما عزم على توجهه إلى خراسان -: غير اسمك وكان اسمه إبراهيم بن عثمان، فقال: قد سميت نفسي أبا مسلم عبد الرحمن بن مسلم، ثم مضى وله ذؤابة، وهو على حمار وله تسع عشرة سنة.
وعن بعضهم قال: كنت أطلب العلم فلا آتي موضعاً إلا وجدت أبا مسلم قد سبقني إليه، فألفته فدعاني إلى منزله، ثم لاعبني بالشطرنج، وكان يلهج بهذين البيتين:
ذروني ذروني ما قررت فإني متى ما أهج حرباً تضيق بكم أرضي وأبعث في سود الحديد إليكم كتائب سوداً طالما انتظرت نهضي.
قال علي بن عثام: قال إبراهيم الصائغ: لما رأيت العرب وضيعتها