السؤال، فأعرض عنه: ثم أعاد، فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة. فشغب الرجل وشغب الناس، وتفرقوا عنه. وقعد البخاري في منزله.
قال محمد بن يوسف الفربري: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أما أفعال العباد فمخلوقة، فقد حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا أبو مالك، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يصنع كل صانع وصنعته. وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة.
قال البخاري: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة. فأما القرآن المتلو المثبت في المصاحف، المسطور المكتوب الموعى في القلوب، فهو كلام الله ليس بمخلوق. قال الله تعالى:{هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}
وقال: يقال فلان حسن القراءة ورديء القراءة. ولا يقال: حسن القرآن، ولا رديء القرآن، وإنما ينسب إلى العباد القراءة؛ لأن القرآن كلام الرب، والقراءة فعل العبد. وليس لأحد أن يشرع في أمر الله بغير علم، كما زعم بعضهم أن القرآن بألفاظنا وألفاظنا به شيء واحد. والتلاوة هي المتلو، والقراءة هي المقروء. فقيل له: إن التلاوة فعل القارئ وعمل التالي. فرجع وقال: ظننتهما مصدرين. فقيل له: هلا أمسكت كما أمسك كثير من أصحابك؟ ولو بعثت إلى من كتب عنك واسترددت ما أثبت وضربت عليه. فزعم أن كيف يمكن هذا؟ وقال: قلت ومضى قولي. فقيل له: كيف جاز لك أن تقول في الله شيئاً لا تقوم به شرحاً وبياناً؟ إذ لم تميز بين التلاوة والمتلو. فسكت إذ لم يكن عنده جواب.
وقال أبو حامد الأعمشي: رأيت البخاري في جنازة سعيد بن مروان، والذهلي يسأله عن الأسماء والكنى والعلل، ويمر فيه البخاري مثل السهم،