فما أتى على هذا شهر حتى قال الذهلي: ألا من يختلف إلى مجلسه فلا يأتنا. فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ، ونهيناه فلم ينته فلا تقربوه. فأقام البخاري مدة وخرج إلى بخارى.
قال أبو حامد ابن الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته وحيث تصرف. فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ. ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وبانت منه امرأته. يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وجعل ماله فيئاً. ومن وقف فقد ضاهى الكفر. ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم. ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مذهبه.
وقال الفربري: سمعت البخاري يقول: إني لأستجهل من لا يكفر الجهمية.
قال الحاكم: حدثنا طاهر بن محمد الوراق، قال: سمعت محمد بن شاذك يقول: دخلت على البخاري فقلت: أيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى، كل من يختلف إليك يطرد. فقال: كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء. فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك؟ قال: يا بني، هذه مسألة مشؤومة. رأيت أحمد بن حنبل وما ناله في هذه المسألة، وجعلت على نفسي أن لا أتكلم فيها. عنى مسألة اللفظ.
وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف: كنا يوماً عند أبي إسحاق القيسي ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله. فقلت له: يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول. قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت البخاري فناظرته في شيء من الأحاديث حتى طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبد الله ههنا أحد يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة. فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمذان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، أني قد قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله. إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
وقال حاتم بن أحمد الكندي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما