٥١١ - نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد. الصاحب، ضياء الدين، أبو الفتح، ابن الأثير، الشيباني، الجزري، الكاتب، مصنف المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر.
ولد بجزيرة ابن عمر في سنة ثمانٍ وخمسين. وانتقل منها مع أبيه وإخوته إلى الموصل، فنشأ بها، وحفظ القرآن، وسمع الحديث، وأقبل على العربية واللغات والشعر حتى برع في الأدبيات، فإنه قال في أول كتاب الوشي المرقوم له: حفظت من الأشعار القديمة والمحدثة ما لا أحصيه كثرةً، ثم اقتصرت بعد ذلك على شعر أبي تمام والبحتري والمتنبي، فحفظت هذه الدواوين الثلاثة، وكنت أكرر عليها حتى تمكنت من صوغ المعاني، وصار الإدمان لي خلقًا وطبعًا.
ذكره القاضي ابن خلكان وقال: ثم إنه قصد السلطان صلاح الدين سنة سبعٍ وثمانين، فوصله القاضي الفاضل بخدمة صلاح الدين، فأقام عنده أشهرًا، ثم بعثه إلى ولده الملك الأفضل ليكون عنده مكرمًا، فاستوزره. فلما توفي صلاح الدين واستقل الأفضل بدمشق، رد الأمور إلى ضياء الدين، فأساء في الناس العشرة وهموا بقتله فأخرجه الحاجب محاسن مستخفيًا في صندوق وسار معه إلى مصر. ولما قصد الملك العادل مصر، وأخذها من ابن أخيه، وخرج من مصر، لم يخرج ابن الأثير في خدمته؛ لأنه خاف على نفسه، فخرج متنكرًا. ولما أخذت دمشق من الأفضل، واستقر بسميساط، راح إليه ابن الأثير وأقام عنده، ثم فارقه في سنة سبعٍ وستمائة، واتصل بالملك الظاهر صاحب حلب، فلم ينتظم أمره، فذهب مغاضبًا إلى الموصل، واستقر بها، وكتب الإنشاء لصاحبها ناصر الدين محمود ابن عز الدين مسعود، ولأتابكه بدر الدين لؤلؤ. وله يدٌ طولى في الترسل، وكان يعارض القاضي الفاضل في رسائله، فإذا أنشأ رسالة، أنشأ مثلها وكانت بينهما مكاتباتٌ ومحارباتٌ. وأنشأ في