ولد بإربل في سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. قرأ القرآن والأدب على أبي عبد الله محمد بن يوسف البحراني، وأبي الحرم مكي بن ريان الماكسيني. وسمع من عبد الوهاب بن أبي حبة، والمبارك بن طاهر الخزاعي، وحنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد، وعبد اللطيف بن أبي النجيب السهروردي، وأبي المعالي نصر الله بن سلامة الهيتي، وخلقٍ كثيرٍ من القادمين إلى إربل وأجاز له جماعة.
وكتب العالي والنازل. وعني بالتاريخ والأخبار وأيام الناس. وجمع لإربل تاريخاً حسناً في خمس مجلدات. وكان بيته مجمع الفضلاء بإربل. وكان كثير المحفوظ، مليح الخط، حسن الإيراد، جيد النظم والنثر.
وله إجازةٌ من أبي جعفرٍ الصيدلاني، وقد أجاز لشيخنا ابن الشيرازي.
ولي نظر الديوان بإربل، ونزح عنها بعد استيلاء التتار عليها إلى الموصل فأقام بها. وولي والده أبو الفتح الاستيفاء بإربل مدةً، وكذا والدهم أبو البركات كان مستوفياً بها.
وقال ابن خلكان رحمه الله: كان شرف الدين رئيساً، جليل القدر، متواضعاً، واسع الكرم، مبادراً إلى رفادة من يقدم البلد، ومتقرباً إلى قلبه بكل ما يقدر عليه. وكان جم الفضائل، عارفاً بعدة فنون منها: الحديث وفنونه وأسماؤه وما يتعلق به. وكان ماهراً في فنون الأدب من النحو، واللغة، والبيان، والشعر، والعروض، وأيام العرب. وكان بارعاً في علم الديوان وحسابه وقوانينه. صنف كتاب النظام في شرح كتاب المتنبي، وديوان أبي تمام جاء في عشر مجلدات، وله كتاب المحصل في نسبة أبيات المفصل في مجلدين. سمعت منه كثيراً، وسمعت بقراءته على المشايخ الواردين شيئاً كثيراً.
قال ابن الشعار في كتاب قلائد الجمان - بعد أن بالغ في وصف الصاحب أبي البركات وفضائله ومكارمه -: وكان محافظاً على عمل الخير والصلاح، مواظباً على الصلاة والعبادة، كثير الصوم، دائم الذكر، متتابع الصدقات. وله ديوان شعر أجاد فيه. خرج من مسجده ليلاً إلى داره، فوثب