وبيدها مد جوهر، فقالت: من يأخذه بمد بر؟ فلم يلتفت إليها أحد، فألقته في الطريق، وقالت: هذا ما نفعني وقت الحاجة، ما أريده، فلم يلتفت أحد إليه.
وقال ابن الفضل يهنئ القائم بأمر الله بقصيدة:
وقد علم المصري أن جنوده سنو يوسف فيها وطاعون عمواس أقامت به حتى استراب بنفسه وأوجس منها خيفة أي إيجاس
سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
فيها خطب محمود ابن شبل الدولة ابن صالح الكلابي صاحب حلب بها للخليفة القائم وللسلطان ألب أرسلان عندما رأى من قوة دولتهما وإدبار دولة المستنصر، فقال للحلبيين: هذه دولة عظيمة نحن تحت الخوف منها، وهم يستحلون دماءكم لأجل مذهبكم، يعني التشيع. فأجابوا ولبس المؤذنون السواد. فأخذت العامة حصر الجامع، وقالوا: هذه حصر الإمام علي، فليأت أبو بكر بحصر يصلي عليها الناس. فبعث الخليفة القائم له الخلع مع طراد الزينبي نقيب النقباء.
ثم سار ألب أرسلان إلى حلب من جهة ماردين، فخرج إلى تلقيه من ماردين صاحبها نصر بن مروان، وقدم له تحفاً. ووصل إلى آمد فرآها ثغراً منيعاً فتبرك به، وجعل يمر يده على السور ويمسح بها صدره. ثم حاصر الرها فلم يظفر بها، فترحل إلى حلب وبها طراد بالرسالة، فطلب منه محمود الخروج منه إلى السلطان، وأن يعفيه من الخروج إليه. فخرج وعرف السلطان بأنه قد لبس خلع القائم وخطب له. فقال: أيش تسوى خطبتهم ويؤذنون بحي على خير العمل؟ ولا بد أن يدوس بساطي.
فامتنع محمود فحاصره مدة، فخرج محمود ليلة بأمه، فدخلت وخدمت وقالت: هذا ولدي فافعل به ما تحب. فعفا عنه وخلع عليه، وقدم هو تقادم جليلة، فترحل عنه.
وفيها الوقعة العظيمة بين الإسلام والروم؛ قال عز الدين في كامله: فيها خرج أرمانوس طاغية الروم في مائتي ألف من الفرنج والروم والبجاك والكرج، وهم في تجمل عظيم، فقصد بلاد الإسلام، ووصل إلى منازكرد