أحد الكبار، اسمه محمد بن إبراهيم. توفي سنة تسع وستين، قاله أبو سعيد ابن الأعرابي.
ومن أخباره: قال أبو سعيد ابن الأعرابي في كتاب طبقات النساك: قدم أبو حمزة من طرسوس إلى بغداد، فجلس واجتمع إليه الناس. وما زال مقبولاً حسن الظاهر والمنزلة إلى أن توفي. وحضر جنازته أهل العلم والنسك. وصلى عليه بعض بنيه، وغسله جماعة من بني هاشم. وقدم عليه الجنيد، يعني في الصلاة، فامتنع، فتقدم ولده، وقام المكبَرون يسمعون الناس. وصعد الخطيب المعروف بالكاهلي على سطح ليبلغ الناس.
قال ابن الأعرابي: وكنت أنا وأبو بكر غلام بلبل ومحمد الدينوري بائتين في مسجد أبي حمزة ليلة موته، فمات في السحر. وأخبرت أنه كان يقرأ حزبه من القرآن حتى ختم في تلك الليلة. وكان صاحب ليل، مقدماً في علم القرآن وحفظه. خاصة قراءة أبي عمرو. وقد حملها عنه جماعة. وأخذ عنه كتاب اليزيدي. وأخبرني مردويه أبو عبد الرحمن المقرئ أنه لم ير أحداً يقدمه في قراءة أبي عمرو، والقيام بها على أبي حمزة. وقد قرأ ابن مجاهد على مردويه.
وكان سبب علته أن الناس كثروا، فأتي أبو حمزة بكرسي، فجلس عليه، ثم مر في كلامه بشيء أعجبه، فردده وأغمي عليه حتى سقط عن الكرسي. وقد كان هذا يصيبه كثيراً، فانصرف من المجلس بين اثنين يوم الجمعة، فتعلل ودفن في الجمعة الثانية بعد الصلاة.
وكان أستاذ البغداديين، وهو أول من تكلم ببغداد في هذه المذاهب من صفاء الذكر وجمع الهمة والمحبة والشوق والقرب والأنس، لم يسبقه بها على رؤوس الناس ببغداد أحد.
وكان قد طاف البلاد، وصحب النساك بالبصرة، وغيرهما. وسافر مع أبي تراب وأشكاله طالباً الحقائق. وجالس أبا نصر التمار، وأحمد بن حنبل، وسريا السقطي، وهو مولى لعيسى بن أبان القاضي.