فأنبأني سعد الدين مسعود ابن شيخ الشيوخ قال: في خامس شوال من سنة خمس وأربعين جهز الملك الصالح أخاه العادل مع نسائه إلى الشوبك، فبعث إليه الخادم محسن إلى الحبس وقال: يقول لك السلطان لا بد من رواحك إلى الشوبك. فقال: إن أردتم قتلي في الشوبك فهنا أولى، ولا أروح أبداً. فلامه وعذله، فرماه العادل بدواة، فخرج وعرف السلطان فقال: دبر أمره. فأخذ ثلاثة مماليك، ودخلوا عليه ليلة ثاني عشر شوال فخنقوه بوتر، وقيل: بشاش وعلق به، وأظهروا أنه شنق نفسه. وأخرجوا جنازته مثل الغرباء.
قلت: عاش إحدى وثلاثين سنة.
قال القاضي جمال الدين ابن واصل: كان العادل يعاني اللهو واللعب، ويقدم من لا يصلح ممن هو على طريقته، ويعرض عن أكابر الدولة ويهملهم، فنفروا منه لهذا، ومالوا إلى الصالح أخيه وكاتبوه وطلبوه لأهليته. واتفقت الأشرفية ورأسهم أيبك بن الأسمر، وجوهر الكاملي كبير الخدام، وركبوا وأحاطوا بالدهليز، فرموه، وجعلوا العادل في خيمة صغيرة، ووكلوا به، فلم يتحرك معه أحد، ولزم كل أمير وطاقه، فسار الصالح مع ابن عمه الناصر داود يطويان المراحل. وبقي كل يوم يتلقاه طائفة من الأمراء، إلى أن وصل إلى بلبيس، فتسلم الملك ليلة الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين، وزينت القاهرة، وفرح الناس بالصالح لنجابته وشهامته. ونزل الناصر بدار الوزارة.
٤٠٨ - أبو الحسن بن الأعز بن أبي الحسن البغدادي الرفاء.